
بقلم الأستاذ: عومر بن عودة
مع الإصلاحات المتجددة في المنظومة التربوية من موسم الى آخر ، ومع الإنتقال إلى التدريس بالمقاربة بالكفاءات ، فقد ظهر مع هذه الأخيرة عدة مفاهيم ومصطلحات لها علاقة وثيقة جدا بالعملية التعليمية التعلمية ، ومن ذلك المعالجة البيداغوجية.
المعالجة البيداغوجية كمفهوم هي مختلف العمليات التي يمكن أن تقلص من الصعوبات التي يـواجهها التلاميذ ، ومن النقائص التي يعانون منها لتفادي الإخفـاق.
ولا يمكـن أن نحقـق ذلـك إلا بإجـراءات مختلفـة يتصدرهـا التدخـل البيـداغـوجي المستمر.
وحتى تكون المعالجة ناجعة ، ينبغي أن تكون بنفس أهمية التعلـــم: أي أنها تقي من الفشل المدرسي ، وتتميــز عن الإستدراك دون أن تحل محله.
فالإستدراك يكون ضروريـا عندمـا تكـون النقائـص بحجـم يستلـزم معالجـة خاصـة وتسخيـرا لعدد مـن الوسائـل المجدية.
أما المعالجة فهي تمـارس بصفة دائمة عـن طريق تصحيحات مـدمجة في المسار البيداغوجي حتى لا تتحول النقائص الملاحظة إلى نقائص غير قابلة للعلاج.
إن المعالجة فـي الوقت المناسب تمنع الوصول إلى مـا لا يعالج ،وتمنـع تحـول الصعوبة الـدراسية إلـى فشل دراسي
المعالجة في المجال البيداغوجي تحافظ على معناها الطبي الذي يعني فعل العلاج وهي في مجال التعلم مرادفة لفعل التصحيح ، بل يتعداه إلى التعديل .
المعالجة في البيداغوجيا هي جهاز- شكلي إلى حد ما –مهمته تقديم نشاطات تعلميـة للتلميـذ حسـب الفوارق البيداغوجية لتمكينه من استدراك نقائصه التي أظهرها التقويم التشخيصي .
وتستخدم لذلك طرائق بيداغوجية ينبغي أن تتميز عـن الطرائـق المستعملة فـي المـرحلة الأولى مـن التعليم والتعلم لكي تكون ناجعة ،إذ لا ينبغي أن تكون العملية عبارة عن إعادة للدرس نفسه وبالطريقة نفسها وبالمساعي نفسهــا ، بل ينبغي أن تستخدم وسائل وطرائق مختلفة ترتبط أكثر بالمعالجـــة بمعناها الطبي . إنها علاج بدواء خاص. هذه العملية في المجال البيداغوجي هي على سبيل المثال :
ـ استخدام المعلوماتية إذا توفرت برمجيات ،
ـ العمل التعاوني في أفواج محدودة العدد .
ـ التعليم الإفرادي ، والمساعدة الشخصية عندما يكون عدد التلاميذ قليلا.
فالعملية تتلخص إذن في وضعيات تعلمية متمايزة حسب طبيعـــة الصعوبة المـــراد تجاوزهـــا ، وحسب أسلـوب التعلـم الخاص بالتلميـذ المعنـي إذا أمكن الأمـر . وفـي هذه الحالة تكـــون المساعدة التي يقدمهــا أخصائي في مجال علم النفس التربوي أمرا مستحسنا
المعالجة تخص تلاميذ يعانون من صعوبات
-إجراء المعالجة على مجموعة غير متجانسة من التلاميذ
-إجراء المعالجة على مجموعة من التلاميذ لهم نفس الإحتياجات.
-إجراء المعالجة على كل تلميذ له حاجات خاصة.
وانطلاقا من هذا وتطبيقا على مرحلة التعليم المتوسط ، السنة بالتحديد ، ونحن نعلم أن تلاميذ هذا المستوى هم المنتقلين من السنة الخامسة ابتدائي ، وقد إجتازوا امتحان تقييم المكتسبات ، وتحصلوا على شهادات بخصوص ذلك ، تم فيها تحديد مختلف الكفاءات ومواطن توفرها في التلميذ الممتحن ، وبعدها مباشرة خرج هؤلاء إلى عطلة صيفية مدتها ثلاثة أشهر ، وبعد انتهائها والإلتحاق بالسنة أولى متوسط ، تجرى لهم المعالجة البيداغوجية خلال الأسبوعين الأولين في مختلف المواد المقررة عليهم !! السؤال المطروح: ماهو الهدف من برمجة معالجة بيداغوجية لتلميذ إنتقل من طور إلى طور آخر ، بعد إجتياز امتحان وقبوله بموجب ملاحظات مدونة في شهادة النجاح في امتحان تقييم المكتسبات ، على إعتبار أنها ملاحظات إيجابية تشير إلى أن التلميذ إنتقل إلى طور أعلى ، وليس له نقاط ضعف وإلا كيف انتقل؟!.
إن المعالجة البيداغوجية كمرحلة من مراحل تقويم المستوى ، فهي تأتي بعد عدة عمليات تقييمية ، سواء كانت معالجة آنية أو بعدية ، وعليه من الناحية الأكاديمية أرى أن تبرمج مباشرة بعد نهاية كل وحدة تعليمية وبعد الإنتهاء من جميع الأنشطة الإدماجية ، فحينذلك يمكن تحديد مواطن الضعف وتسجيل النقائص الموجودة لدى المتعلمين بصورة جيدة ، ويمكن خلالها تحديد نوع ونمط المعالجة المتبع.
كما أن البرمجة الحالية للمعالجة البيداغوجية غير ناجعة ولم تثبت فعاليتها السنة الماضية ، كما أنه كان بالإمكان استغلال الأسبوعين الأولين في تنظيم تقويم تشخيصي ، والشروع في تقديم الدروس المقررة.
وقبل ذلك كله ، فالمعالجة كمفهوم بيداغوجي لا يمكن أن تؤتي بثمارها إلا إذا صاحبها تطبيق التدريس بالمقاربة بالكفاءات على أرض الواقع ، بإعتبار أن المعالجة البيداغوجية كمفهوم ظهرت بظهور هذا النوع من المقاربات الحديثة في التدريس.
ولا يمكن أبدا تطبيق هذه المقاربة في الواقع إلا إذا تخلصنا من مشكل الإكتظاظ الذي تعرفه المدرسة الجزائرية ، وبالتالي نستطيع القول أن تطبيق مفهوم المعالجة البيداغوجية بشكل صحيح يقتضي توفير الإمكانيات والشروط اللازمة للمؤسسة التربوية حتى يتحقق الهدف المراد الوصول إليه ، أما التكوين والندوات المتعددة هنا وهناك في جميع الرتب المعنية ، والمراسلات والتعليمات في هذا الشأن ، من دون توفير الإمكانيات والشروط المذكورة ، فلا يمكن الوصول إلى النتائج المرجوة.