الحفناوي بن عامر غول
المتمعن في سوق الأحزاب السياسية اليوم يتأكد بما لا يدع مجال للشك بأنها في حالة تراجع أو تقهقر بعدما اتضحت الرؤية وثبت بالدليل ابتعادها عن أهدافها إن كان لها قانون أساسي أو نظام داخلي بعدما لفظها الشارع ، والتشريعات القادمة خير دليلا على انتشار القوائم الحرة والاستغناء عن خدماتها.
ولم تعد الأحزاب تحظى بتلك الحماسة والاهتمام والنقاش كما في نهاية التسعينيات،إذ تقلص حجمها بعدما أصبحت تتصارع عن الغنيمة وتبحث عن التموقع ولا تعرف سوى الهرولة نحو السلطة لتبحث عن امتيازات قادتها على حساب من آمن بفكرة الحزبية وانخرط فيها. و حجمها في الواقع يدل عليه مكان تواجدها إن كانت لها مقرات دون ان نتحدث عن ( المريدين) من قناصي الفرص والذين يتلونون مع كل موسم و لا يهمهم ان يكونوا في اليسار أو اليمين أو ان يعدوا إسلاميين أو اشتراكيين أو علمانيين ولنا في تاريخ الترشيحات غزوات ومواقع إذ نرى ( التنقاز) للبحث عن ترأس قائمة فمرة تجدهم في الآرسيدي ورجله مع الغريم الأفافاس ومرة في حمس وتارة في الآفلان ومرة رفيقا في حزب الطليعة الشيوعي. وحيث انه لا برامج ولا مناضلين ولا موقف ثابت ولا حتى مقر أو توجه،واستطاع المواطن ان يكتشف حجمها لهذا نجد العزوف في تعداد المرشحين أو في المناضلين ،ولا يعقل أن يتسول رؤساء مجموعات حزبية -على حد وصف السجين أويحي- ، المترشحون في رحلة بحث من خلال إشهار بالصحف مدفوع التكاليف .
زد على ذلك نشوء ما يعرف بالدكتاتوريات الحزبية لرؤساء وأمناء عامّون عمروا طويلا يطالبون النظام بالتداول على السلطة وهم لا يعرفون مفهوم التداول وتدوير منصب الرئاسة والأمانة العامة لحزبهم ولم تنهي عهداتهم سوى الانقلابات والحركات التصحيحية وفي اقل الاحتمالات إعلان حالة الشغور بعد الوفاة ، وعوض ان نعرف نحن المهتمون بالشأن السياسي تلك الأحزاب من خلال برامجها ومواقفها بتنا نعرفها بخيبة وخزعبلات وتفاهات أسماء قادتها فهذا حزب لويزة وهذا حزب الدا الحسين وهذا حزب سعيد سعدي وهذا حزب جاب الله الذي لا يريد مغادرة الساحة إلا وقد ( فرّخ) أحفاد من الحزيبات .
وهذا حزب نحناح الذي خرج عن طاعته أبناءه وتبين أنهم من سلالة غير شرعية وتفرقوا شيعا ، وتجربة بن فليس مع الطلائع لم تكن ناجحة رغم انه كانت له الشجاعة لترك منصب الأمانة العامة بعدما خسر في الرئاسيات الماضية.أما حزبي الدولة فالآرندي ثبت انه مفرخة للفساد والآفلان تحول إلى حلبة صراع والاستحواذ على التركة فيكفيهم فخرا أن الساحة لفضتهم بعدما ساندوا وتعاهدوا مع الفساد ووقع الزواج بينهم وبين المال الفاسد في نقطة سوداء تسجل للتاريخ قام بها خاصة أحمد أويحي وعبد العزيز بلخادم حينما فتحوا الباب على مصرعيه أمام رجال المال الفاسد واحتضنوا كل مرتشي ومنبوذ وأوصلوهم إلى سدّة الحكم،ولم يبقى للحزبين سوى التبدد أو المتحف للحفاظ على الذاكرة وهذا شأن بعض التشكيلات الحزبية التي تمنى في كل مرة بفشل في الساحة وبدأت تعرف حجمها ومكانتها في السوق الانتخابي،بعدما كانت في السابق تقتات من نظام الكوطة التي تدرها عليها الحكومة من اجل ربح صمتها أو وقوفها إلى جانب النظام .
أما بعض ممن يحترم نفسه ويعتبر الحزبية شرفا ونضالا فقد بدأ يشف طريقه في رحلة البحث عن المناضلين ممن آمنوا بالفكرة والتنافس الحر على البرامج واختيار الكفاءات ورجال الميدان. ومرحبا بما تمخض عن الصندوق ونحن نؤمن بهذه الرؤية أما من يتحجج بعدم توفر الشروط المشجعة لدخول الانتخابات فنقول له (ياو فاقو) لان دخولكم المعترك انتحار بعدما اتضحت الرؤية وعرف كل واحد حجمه.