كلمة السيّد الوزير الأول
ا
أود فـي البداية، أن أعبر عن سعادتي بهذه الـمناسبة، وعن مــدى اعــتزازي بالإشراف على هذه الـمحـطة التاريخية التي يمثلها إنجاز البنك الوطني للبذور، والتي تعد لبنة أخرى تأتي لتعزيز سيادتنا الوطنية من خلال تكريس مبدأ الأمن الغذائي للبلاد الذي نعتبره جزءا لا يتجزأ من أمننا الوطني.
ولا شك أن مسار البناء الوطني من شأنه أن يتعزز بهذا الإنجاز العلمي الكبير الذي تحقق بسواعد جزائرية من أبناء هذا الوطن الذين يقدمون اليوم برهانا جديدا على أن القدرات والكفاءات الوطنية بإمكانها أن تصنع مثل هذه الإنجازات، على غرار أسلافهم الـميامين الذين قدموا بالأمس دروسا للعالم في التضحيات من خلال ثورتنا الـمباركة التي نحيي اليوم بفضلها الذكرى الستين لاستعادة استقلالنا وسيادتنا على هذه الأرض الطيبة.
بل إن حدث اليوم يحمل الكثير من الدلالات التي تثبت أننا نسير بخطى واعدة نحو تعزيز الأمن الغذائي للبلاد، وأن الجزائر قادرة على رفع التحديات وكسب الرهانات عندما يتعلق الأمر بالـمصلحة العليا للبلاد، خاصة في ظل الظروف الدولية الجيو استراتجية الراهنة التي تفرض علينا الـمزيد من العطاء ورص الصفوف أكثر انطلاقا من مبدأ أن هذا العالم لا مكان فيه للضعيف.
وإنه ليسرني أن أتوجه إليكم من هذا الـمنبر، ومن خلالكم إلى كافة أسرة الباحثين والتقنيين والأساتذة والإطارات بخالص التحية والتقدير نظير كل الـمجهودات التي تبذلونها يوميا فـي سبيل الرقي بالعلم والـمعرفة في كافة الـمجالات، إيمانا منا بأن العلم والـمعرفة هما السبيل الوحيد الذي يتيح للأمم فرص الإرتقاء والإزدهار وضمان مستقبل أفضل للشعوب .
ومن هذا الـمنطلق، يكتسي هذا الحدث التاريخي أهمية بالغة من حيث كونه يأتي ليكرس وليعزز مبدأ الأمن الغذائي للبلاد، خاصة وأنه يعد نتاج مجهودات بحوث ودراسات كفاءات جزائرية بحتة، من خريجي الـمعاهد والجامعات الجزائرية الذين ينشطون في مختلف الـمعاهد ومراكز البحوث التابعة لقطاع الفلاحة والتنمية الريفية.
أيتها السيدات، أيها السادة،
لقد أولى السيد رئيس الجمهورية أهمية بالغة لتطوير البحوث في كافة مجالات الـمعرفة من خلال ربط الجامعة بالـمؤسسات والإدارات؛ حيث نعمل اليوم على الـمستوى الحكومي على تكريس هذا الـمبدأ عبر مثل هذه الإنجازات الحيوية والتي تعد مثالا آخر عن ثمرة هذه الجهود يقتدى به في هذا الـمجال الـمعرفي.
وفي هذا الإطار، فإن البذور، التي تعد موردا حيويا لا يمكن الاستغناء عنه، تلعب دورًا رئيسيًا في التنمية الـمستدامة للفلاحة من خلال استخدامها كنقطة انطلاق لأي برنامج تحسين النباتات، وذلك بهدف ضمان الأمن الغذائي الذي تعتمد عليه السيادة الوطنية لبلادنا، كما أنها تشكل “إرثًا” يتم نقله إلى الأجيال القادمة من أجل مواجهة التحديات الرئيسية الـمرتبطة بتغير الـمناخ على وجه الخصوص، من خلال إنشاء أصناف متأقلمة مع التغيرات الـمناخية ومقاومة للأمراض.
كما يندرج البنك الوطني للبذور في إطار تلك النظرة الإستشرافية للدولة للنهوض بكافة فروع الإقتصاد الوطني وبالأخص القطاع الفلاحي، وجعله قاطرة للتنمية من خلال تعزيز القدرات الوطنية في مختلف الـمجالات خاصة ما تعلق منها بالبحوث العلمية والتطبيقات الحديثة و الـمبتكرة.
وجدير بالتنويه أن القطاع قد عرف بالفعل، خلال الفترة الأخيرة، قفزة نوعية في مختلف فروع الإنتاج، وذلك بفضل التزامات السيد رئيس الجمهورية التي وضعت الفلاحة في صلب الإهتمامات الكبرى للبلاد والتي كرسها مخطط عمل الحكومة من خلال كل الدعم والتدابير والإجراءات التحفيزية والـمرافقة التي وضعها خصيصا للنهوض بالقطاع الفلاحي ولصالح الفلاحين والـمنتجين و الـمربين.
أيتها السيدات، أيها السادة،
لا يسعنا في الختام، والجزائر تنعم اليوم بالسلم والطمأنينة وبهذا الـمستوى من التطور العلمي بفضل أبنائها الـمخلصين، إلا أن نقف بهذه الـمناسبة وقفة خشوع وترحم على أرواح كل الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم لننعم نحن بهذا الجو من الإزدهار والرقي.
الـمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.