الأولىالجزائر

لابد من رسم خارطة إعلامية جديدة

تم استعراض مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام ومشروع قانون السمعي البصري، في الاجتماع الاستثنائي لمجلس الوزراء الأخير، حيث طالب رئيس الجمهورية  عبد المجيد تبون بإشراك البرلمان بغرفتيه لتحقيق مزيد من الإثراء والنقاش لهذين النصين الأساسين المرتبطين مباشرة بمشروع توافق بين القرار الديمقراطي والحفاظ على الأمن القومي للبلاد” والذي سيؤدي إلى رسم خارطة إعلامية جديدة تتمتع بالاحترافية  والمهنية  العالية وتحترم قوانين البلاد وتمنح الأولوية  لحرية التعبير ،ويأتي هذا تزامنا مع غلق العديد من القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة  من طرف سلطة ضبط السمعي البصري في الجزائر عقب  تسجيلها مجموعة من التجاوزات المهنية.

 

الإعلامي الدكتور محمد بغداد

الأولوية لورشات كبرى تحقق الأمن الاستراتيجي

 

 قال الإعلامي الدكتور محمد بغداد في تصريح خص به يومية “الوسط ” إن هذا الاتجاه يندرج في السياق المأمول لمشروع الجزائر الجديدة التي يتطلع الجميع إلى تجسيدها بعد استكمال بناء المؤسسات السياسية إلا أن الظروف الطارئة والتي شعر فيها المجتمع بالخطر يداهم كيان المجموعة الوطنية ويستهدف مقوماتها فإن الأولوية اليوم هي لفتح ورشات كبرى تعمل نتائج مساهمة الجميع في توفير المستويات المأمولة من معالم الاستقرار والأمن الاستراتيجي للبلاد.

 

النخب المغشوشة سيطرت على المشهد الإعلامي 

 

وحول  ظهور خارطة إعلامية جديدة في الجزائر ، أوضح  صاحب كتاب”  حركة الإعلام الثقافي في الجزائر  ” أنه من الطبيعي في كل حقبة تاريخية تعرف المجتمعات تحولات  في مختلف الأسباب والدوافع تتجلى في تشكيلات مختلفة تكون تعبيرا على رغبات وموضوعات الفئات الاجتماعية وبالنظر إلى التأثيرات  التي فرضتها الثورة التكنولوجية الاتصالية وانتقال العالم إلى مرحلة الافتراضية بعد تجاوز مرحلة الرقمية فإن المجتمع الجزائري يعرف حالة من الصراع إلى حد التصادم بين البنيات الهيكلية المكونة للنظام الاجتماعي وهي الحالة التي أتوقع أن تستمر فترة من الزمن ليست باليسيرة تتجاوز هذا الجيل إضافة إلى الكثير من المشكلات التي تواجهنا ولها أولوية ملحة في حياتنا مما يجعلنا اليوم نضيع الكثير من الوقت والتكاليف التي تبعدنا على الانخراط في مرحلة الافتراضية الإعلامية. والعائق الأهم هو وصول النخب المغشوشة وسيطرتها على المشهد والادوار التي تقوم بها مما يساهم في تأخير انخراط المجتمع في التاريخ.    

        

 

فتح المجال الإعلامي مرهون باحترام القوانين

 

كما علق بغداد على قرار غلق القنوات الفضائية الجزائرية الخاصة من طرف سلطة ضبط  السمعي البصري  ،مشيرا إلى أن  النشاط الإعلامي يتضمن ثلاثة مستويات: الأول منها يتمثل في مبدأ حرية التعبير الطبيعية للإنسان وهو مكفول بكل التشريعات الأرضية والسماوية و الثاني منه المستوى التجاري الذي يسعى إلى تحقيق الربح المادي وهو أمر مشروع و المستوى الثالث هو السياسي الذي يعمل على نشر الأفكار وصناعة اتجاهات الرأي العام وهذه المستويات التي تحكمها قوانين وأنظمة وقيم يخضع لها الجميع ويتحمل المسؤولية كل من يفتح هذا المجال.

 

الدكتور محمد النذير عبد الله ثاني

لابد من تجويد المستوى 

 

ولقد  قدم  الباحث الجزائري في علوم الإعلام والاتصال الدكتور محمد النذير عبد الله ثاني وجهة نظره  في حديثه ليومية” الوسط ” حول موضوع غلق القنوات الجزائرية  الخاصة نتيجة  لممارسات إعلامية غير أخلاقية التي أفسدت المشهد الإعلامي في الجزائر وعليه فالوصاية هي سلطة ضبط السمعي البصري مفوضة من قبل وزارة الاتصال والتي قامت بغلق بسبب تسجيل تجاوزات تتعلق بالجانب المهني وغيرها من التفاصيل المتمثلة في المساس بالوحدة الوطنية بالإضافة إلى غيرها من الأسباب من بينها عدم احترام المشاهد الجزائري وبعض الفئات الاجتماعية كالأطفال مع الترويج للعنف وبعض المسائل الأخرى غير المجدية .

 

الرقابة على القنوات الخاصة أمر حتمي 

 

وفي هذا الصدد دعا مؤلف كتاب” تأويل الخطاب الإعلامي  الأستاذ المحاضر “أ” بقسم الإعلام والاتصال جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم في ذلك إلى أن الرقابة مطلوبة خاصة لدى القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة   حيث أننا نجد العكس بالنسبة للقنوات الحكومية التي تضبط دائما المنتوج والأداء  بمراعاتها لخطها الافتتاحي خاصة في تطبيقها لنظرية” المراعاة “وعلى هذا الأساس فالإشكال دائما يطرح على مستوى تجويد المنتوج الإعلامي ،مضيفا رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة حائل بالمملكة العربية السعودية  إلى أن مسألة غلق القنوات الخاصة  هي تحصيل حاصل فمادام هناك اعتمادات غير مبنية على أسس ومعايير معينة وتبث فدائما  سيبقى الإشكال مطروحا، مشيرا إلى أن السلطة هي صاحبة الصلاحية التي تقدم الاعتماد للقنوات الخاصة عن طريق دراستها  حول ما إذا كانت هذه المؤسسة الإعلامية  الخاصة تتوفر  على مبنى وصحافيين  في المستوى ومؤهلين سواء على مستوى الجانب البشري لهذه القناة أو حتى على مستوى توجهها وتخصصها وبالتالي فمسألة الاعتماد تبقى مبنية على توفر هذه المتطلبات لاعتماد قناة تلفزيونية أم لا وهنا يكمن الإشكال الحاصل الآن في الجزائر.

 

الناشط الإعلامي عبد القادر بودرامة  

لابد من إخضاع القوانين للنقاش قبل إصدارها

 

وأعلن الناشط الإعلامي عبد القادر بودرامة  في تصريحه لـ “الوسط ” أنه من حيث المبدأ علينا  إخضاع النصوص والقوانين للنقاش المجتمعي قبل إصدارها، فهو أمر صحي ينم عن تقدم في الفكر والممارسة السياسية، وعندما يتعلق الأمر بقانونين  مهمين وينعكسان مباشرة على الممارسة الإعلامية التي تمس قلب المجتمع وتعتبر من الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطن في كل لحظة من لحظات حياته اليومية وعندما يتعلق الأمر بذلك، يصبح من الضروري جدا إشراك أوسع قدر ممكن من فعاليات المجتمع لا سيما ممثلي الشعب المنتخبين.

 

علينا إرساء أطر فعالة للممارسة الإعلامية

 

من حيث التطبيق  أشار الأكاديمي إلى أنه  حتى يكون لهذا القرار الهام أثره الحقيقي وليس استعراضيا، يجب أن تتوفر فيه  بعض الشروط والمحددات الأساسية لنجاح عملية الإثراء وإخراج القانونين في أكمل صيغة تمهيدا لتحقيق أقصى درجة النجاح عند تطبيقهما في الميدان عبر إرادة سياسية قوية في إرساء أطر فعالة للممارسة الإعلامية، تضمن سيرها في الاتجاه الإيجابي لخدمة المجتمع، وعدم انحرافها وانجرارها خلف المزايدات والابتزازات والتلاعبات… أيا كانت داخلية أو خارجية بالإضافة إلى  اختيار الفاعلين الحقيقيين لإثراء ومناقشة القانونين المتعلقان  بالإعلام و السمعي البصري  وعدم الوقوع في فخ الشعبوية و”الشو” الإعلامي مع تقديم أرضية مدروسة بعناية تكون منطلقا لهذا النقاش الجاد والواعي، وعدم تبني الانطلاقات “الصفرية” وبالتالي فلابد من النظر إلى ما وراء النصوص من مآلات وأغراض، وفرص وتحديات ومخاطر وعدم الاكتفاء بالنص في حد ذاته كمكسب ثمين يقدس ويمجد!.

 

التكوين الإعلامي من محددات النجاح

 

اقترح الأستاذ  بودرامة  مجموعة من الحلول الفعلية لإعادة رسم الخارطة الإعلامية وفق معايير الجودة والاحترافية، والتي يجب أن تضمن التكوين الإعلامي كمحدد من محددات النجاح ضمن ثلاثة أبعاد أساسية والمتمثلة في بعد المعارف المهنية الإعلامية، فالمنبر الإعلامي بدون المعارف الضرورية هو منبر فاشل مهما كانت القوى المادية والمالية التي تقف خلفه وبعد الممارسات المهنية الإعلامية، هي ليست أي ممارسات وإنما ممارسات على أساس معرفي صحيح وبعد الالتزام المهني، أي ما يتعلق بأخلاقيات المهنة، واحترام المبادئ والقيم المشتركة للمجتمع.. وهي التي يمكن ضبطها ضمن مسمى “ميثاق أخلاقيات المهنة”.

 

غلق القنوات الخاصة إجراء مشروع 

 

بخصوص غلق القنوات الخاصة اعتبر ذات المتحدث  أن هذا القرار إجراء مشروع من أجل ضبط الساحة الإعلامية، شريطة عدم التعسف في استعمال السلطة، مع ضرورة إعلام المؤسسة المعنية بالغلق والتوقيف  مع ذكر السبب الحقيقي والمباشر لهذا الإجراء، بل يجب إعلام الرأي العام الجزائري بذلك ،وهذا حتى يكون للقرارات من هذا النوع كل المصداقية، وكذا الأثر المتعدي والاستباقي، بحيث لا تتجرأ قناة أخرى على الإتيان بنفس الأسباب أو الوقوع في نفس الأخطاء  مستقبلا.

حكيم مالك 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى