أقلامالأولى

لا تختزل “الصحافة ” في ” السكوب”

بقلم  د. محمد مرواني

في الأزمات وخارجها لا تختزل “الصحافة ” في ” السكوب ” بل المطلوب من “الصحفي ” مهنيا كسب ثقة الناس من خلال ما ينشره من “أخبار ” تلامس سلطة تقدير في السياق المستجد الطارئ المعاش اما من يهرول وراء التخمينات وما يقال على الألسن من كلام ليخيطه نصا في قناة مدعيا أنه “خبر ساخن ” وقد صيغ على المقاس فهذا ليس من الصحافة في شيء ولا يمكن أن يكون محتوى إعلامي قابل للقياس.

 يجب أن ينتبه الكثير خاصة ممن يستعجل “الالقاب ” ليقال عنه “صحفي ” افتك “سكوب ” ليكون هو “الحصري ” في ما ينشر من أخبار  يجب أن ينتبه هؤلاء إلى رصيد “المهنية ” هل يتقلص لديهم وهو يمارسون صحافة “الاخبار ” أم يتزايد وهم في بحث متعب عن “السبق الصحفي ” الذي يبقى مهارة من المهارات التي تطلب لدى الصحفي وليس هو الكل الذي تنتهي عنده “الصحافة ” الذي التصق بها “فيروس التمييع”.

كشفت الأزمة الصحية الخطيرة التي يشهدها العالم ” الوباء الفتاك الكورونا ” على الاقل فيما يتعلق ب”العمل الصحفي ” حصار “الاشاعة ” لصفحات التواصل الاجتماعي وانتشارها بسرعة لتكون ايقاعا موازيا لما ينشر من أخبار مؤطرة المصدر والمحتوى والأخطر أن يقع العديد من الصحفيين في فخ “نشر الأخبار ” التي تفتقر للكيان والمعيار والسقوط قصدا أو دون قصد في سوق الكلام وما يتم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي من تأويلات وتعليقات يحولها البعض لمنشورات تحمل طابع “الأخبار “.

على الصحفي أن لا يميع كيانه مهنيا ويدرك أن وظيفته تكمن في تنوير الرأي العام بدل تسطيحه وان مهمته في الازمات وخارج الأزمات تتجاوز نصه الصحفي المنشور إلى مسؤولية أخلاقية واجتماعية يجب أن تكون مرجعا يرافق مساره وأن يفتك الصحفي احترام المجتمع أفضل بكثير من تقديم “سبق صحفي ” مهما كانت اهميته الاعلامية .

“الصحفي والمحتوى” منابر الإعلام الجديد

الملاحظ ومنذ ظهور مواقع التواصل الاجتماعي عدم اهتمام المستخدمين  لمواقع التواصل مع لحظات الانبهار الاولى بنشر “الأخبار ” سواءا كانت ” صحيحة ” أو ” غير حقيقية ” بل كان طابع الاستخدام لهذه المواقع يميل نحو تحقيق إشباعات عديدة قد يراها البعض ترفيهية وتحركها ميولات فرضتها الوسائط الجديدة ” الفايسبوك ” ” اليوتيوب ” وغيرها من منصات التواصل الاكثر استخدما في بيئتنا المحلية .

فلو عدنا إلى السياق المهني الذي ترتكز عليها ممارسة الصحفي لنشاطه الإعلامي فإننا سنجد ان اي ممارس للمهنة ملتزم بما تطرحه الادبيات من قيم وممارسات لتأطير نشاطه الإعلامي وجعله اكثر تنظيما ووضوحا وهذه ميزة يجب التركيز عليها باعتبار إنها  تحدد نشاط الصحفي وعلاقته بمنظومة مجتمعية ومؤسساتية اثناء تأديته للمهنة الاعلامية التي لايمكن أن تكون تكليفا يخاطب المزاج أو أداء لإرضاء أطراف وأجندات على حساب القيم المهنية والأخلاقية التي تحدد أعباء وحقوق الصحفي في أي حقل إعلامي يكون ميدانا للاشتغال .

ثم إن الصحفي ملزم أيضا ضمن الأطر المهنية بممارسة العمل الصحفي وفق قيم ومعايير تجعله اكثر مسؤولية اتجاه ما ينشره من أخبار وما يتلفظ به من كلام سواء ضمن البرامج الإذاعية والتلفزيونية أو حتى ضمن أنشطة يعرض فيها  الصحفي وجهة نظره إزاء موضوع من مواضيع الشأن العام .

ف”الصدق ” قيمة أخلاقية قبل أن تكون التزاما مهنيا يقع على عاتق ناشر لخبر صحفي كما أن ” الموضوعية ” في تناول وتغطية أي حدث لمعالجته ضمن أي قالب صحفي قيمة أخلاقية قبل أن تكون سلوكا إزاء قضية وشكلا نمطيا للتناول الإعلامي .

لذا فانه يجب التركيز على أن التزام الصحفي بما هو اخلاقي اثناء ممارسة النشاط المهني منه نشر “الخبر الصحفي ” يشكل الأساس المتين لأخلقة العمل الإعلامي خارج أي تشريعات قانونية وسلطات تستهدف تأطير النشاط الإعلامي وتصويب انحرافات وممارسات قد تخل بالممارسة الاعلامية وتدفع  بها نحو الفوضى والخروج من سلم القيم التي تقع على عاتق وسائل الإعلام في المجتمع .

بعد الإشارة المختصرة إلى هذه المعايير التي تحدد نشاط الصحفي والتزاماته الاخلاقية والمهنية نجد أن الصحفي ضمن مسار الممارسة يكتسب مهارات مهنية قد تجعله ينفرد بزاوية “معالجة إعلامية ” لموضوع ” يقوي بما يملكه من رصيد مهني كفاءة “النص الصحفي “” والمادة الاعلامية ” يستقطب قطاعا هاما من الجمهور نحو محتوى إعلامي .

وهذه المهارات وبناءا على خبرة مهنية متواضعة في العمل الإعلامي والاشتغال البحثي على الموضوع لا يمكن أن تكتسب في أسابيع أو أشهر بل هي مسار طويل من العمل وامتحان للقدرات وسلطات التقدير المهنية للموجود والمنشود فمثلا تحرير “الخبر الصحفي ” الذي يبقى النوع الصحفي الأكثر تواجدا على صفحات العناوين التي تصنف المحتوى لا يمكن أن يكتسب كمهارة من المهارات التي تحتاجها مهن الإعلام إلا بعد مراحل وخطوات للتدريب لذا ثقافة توظيف “الصحفي تحت التجريب ” أراها من تقاليد العمل الناجعة لتكوين وتدريب الصحفي على “الكتابة الصحفية ” لأن “الكتابة ” لا يمكن أن تكون من فراغ بل يجب ان يكون المهني قارئا جيدا لحركة الاخبار وسرعتها وان تكون ثقافته الاعلامية في ما هو عام مقنعة تمكنه من أن يجلب الجديد وزوايا المعالجة النوعية وهذا المطلوب مهنيا من قبل أي صحفي ممارس .

فالخبر الصحفي الذي يبقى نصا يجيب على أسئلة يحتاج أيضا لرصيد لغوي إعلامي ثري بالمعلومات والجمل الواصفة المعبرة المتناسقة  يوظفها الصحفي بعد اكتمال جسم الخبر ليحدد العنوان الأكثر استقطابا وتأثيرا وهذه العملية هي في الأخير جزء من المهارات التي يكتسبها الصحفي عن طريق الممارسة والتفاعل مع الخبرات المهنية النموذجية .

كما أن الصحفي ونحن نتحدث عن المهارات مطالب بأن يمتلك شبكة معتبرة من “المصادر ” وخاصة “المصادر ” التي تشكلت بواسطة ممارسته المهنية للعمل الإعلامي إذ قبل أن تكون هذه المصادر مصادر للخبر هي جزء من كفائتة المهنية فشبكة العلاقات التي يكونها الصحفي مع شخصيات ومؤسسات  لا يمكن أن نعتبرها أمرا عاديا تفرضه المهنة بل هي مهارة يجب أن توضع في خانة مهارات الصحفي ونجاحه المهني.

معطى آخر يجب التركيز عليه ونحن نتناول ظاهرة “الاخبار الكاذبة ” وتأثيرها على النسق الاجتماعي والمهني هي مسالة تحديد ماهية “الصحفي ” الذي وإن عرفته التشريعات القانونية وحددت كيانه الوظيفي والمهني إلى أن المستجد هو انخراط قطاع واسع من المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي في عملية نشر “الاخبار ” وهي جزء من انشطة الممارسين للعمل الصحفي سواء في منابر الإعلام التقليدي أو نيو ميديا وانخراط قطاع واسع من المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي في عملية النشر الإعلامي للأخبار رغم افتقار هذا النشر والبث لعناصره التقنية والفنية والإعلامية يجعلنا أمام تعريف آخر للصحفي الذي يجب عليه أن يتواجد في تقديري عبر منصات الإعلام الجديد ليوسع نشاطه المهني ويحيد في نظري كل الممارسات التي تلغي كيانه فصحافة المواطن التي تبقى واقعا يجب أن يكون الصحفي أحد الفاعلين في ترقيتها ثقافة مهنية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى