
بقلم : جمال نصرالله
عاملان اثنان لازالا كالعصبين ينخران في وجدان وروح المواطن الجزائري إبان وبعد كل عملية انتخابية ،وهما ( المصلحة والقبلية ومرات تُنعت بالقبيلة ) وقلما نعثر على عامل ثالث. لأنه جد نادر بحكم أنه دائما وأبدا يوصف بالنخبوي ،وهو الذي يُطلق عليه علماء الاجتماع بالبحث عن الأصلح والأجدر وليس الأنفع والألمع ؟ا، لأنه صراحة قليلا ما نجد من يفكر في المصلحة العامة ومصلحة الأمة كما يقال،إلا زمرة معشر المثقفين الطلائعيين،والذين غالبا ما يُوصفون بالعارفين العضويين،ممن يتشبعون بالمعرفة الواسعة…ويتخذونها كسلوك يومي، وسلاحا فتاكا في وجه الفساد والمفسدين.
في الانتخابات وأثنائها تسود ثقافة العشيرة بلا شك لأنهم العامة الدهماء ..ممن لا يفقهون إلا التزكية والولاء والإمضاء على بياض لصالح الأقوياء سواء ماليا أو عدة وعتادا …وليس علما ومعرفة..هذا النوع من الطرح مازال بؤبؤا ينخر كيان الفرد العربي تقريبا من المحيط إلى الخليج وحتى في كثير من الدول والأقاليم الأسيوية والإفريقية..ينخرط المواطن الأسطوري دوما في هذه البهرجة والأعراس المقامة مؤقتا. ثم فيما بعد يبدأ في العض على نواجذه نادما محتجا.. بحجة أن خياراته لم تكن صائبة…والمؤسف له حقا أنها لم ولن تكون المرة الأخيرة..بل لو حدث وأن أعيدت نفس الطريقة الانتخابية فإنك تجده يعيد الكرة نفسها وكأن به يجلد ذاته ضمن عملية شيزوفرينية متعاقبة…وهذا ما حيّر عدد من الباحثين والملاحظين …حيث تصبح النتائج من سيئة إلى أسوأ منها…وكأن بالتاريخ يعيد نفسه.ولم تتغير الأوضاع بدا ولن تتغير بحكم أن المعضلة في قناعات وفلسفات هذا المواطن الذي يبدو دائما ضعيفا وفريسة سهلة تلين وتموج كما يموج الخنجر في بطن السمكة كما يقول المثل الصيني ؟ا قديما قال الرحالة ابن فضلان عن إحدى القبائل الذي حط بديارها ( رأيت أقواما ليسوا فقط سُذجا …ولكن أعداء أنفسهم لحظة .. ما يتركون حوائجهم عرضة للبحر وأهواله..وفي اليوم الموالي يتباكون كالنساء ..عن رثة أحوالهم…ومساءا يزجون بهذه الحوائج داخل طناجر فتختنق اختناق الحيات والأرانب الصغيرة حتى الموت ) والعبرة من هذه الحادثة أن هؤلاء عجزوا عن مسايرة الطبيعة ومعرفة أحوالها الموسمية على الرغم من تجاربهم المتكررة… يهربون من موقع نحو موقع ليس أقل من الأول سوءا….. وتقريبا يبدو هذا المثال الأقرب لأحوال بعض الناس ممن لا يتّعضون ثم يتدبرون في
مسائل تتعلق بوجودهم البيولوجي أولا ثم سلامتهم الجسدية وصولا إلى النفسية والثقافية حيث تتوفر عناصر البهجة والسعادة والحزن والفرح والألم ..فقد أفادنا المفكر التونسي الفذ ابن خلدون في هذا المضمار كثيرا..يوم وصف لنا أحوال العرب العاربة..وهم يستسلمون لضغوطات الطبيعة وكأنها بقدر مقدر دون محاولة منهم لصناعة فضاءات عيش أكثر أمنا ورُقيا… فصاروا بين عشية وضحاها ..ضحايا تفكيرهم غير المتبصر المفتقد للتحليل والفرز والتفكيك ….نظير عدائهم التام لاستخدام العقل وإعماله وتجاوز العاطفة والانطباعية…. كيف لا وهم من عجزوا عن اختيار من يتولى شؤون حياتهم خليفة كان أو أميرا أو وزيرا أو حتى رئيس قبيلة… ونستطيع أن ننقل هذا لطرح ونسقطه على أحوال جيل القرن العشرين وما بعده… أينما لا تزال ثقافة التزكية والولاء الجماعي سارية المفعول حتى ولو كان هذا العنصر أو ذاك مصدرا للشر والقهر…عكسما هو موجود في دويلات الغرب مثلا ممن تحسنت ولازالت شؤونهم بسبب أنهم ..بحثوا عن هياكل التنظيم البناءة المُحكمة..فأنزلوها قيد التنفيذ …ولم تبق كما هو الحال عندنا حبيسة الورق والتعليمات الكتابية الرنانة وكذلك مجرد شعارات عالقة في السماء كعناقيد العنب نشم رائحتها ونتغزل بألوانها دون أن ننتفع بها…ومن ثمة نعيد زراعة بذورها لأجل الانتفاع بها مرة أخرى..موسما تلوى الموسم ؟ا ففقدنا صراحة ورشات بناء الإنسان وثقافة التنمية البشرية لنجر ذواتنا المرتبطة بسلاسل من حديد…داخل زنزنات يقال لها بالتراث والتقاليد البالية المتحكمة في عيشنا ووجودنا منذ ألاف السنين..؟أ
أمانينا كلها بأن هذا الذي حدث سوف نتخلص منه بسبب الاجراءات التي تمت مراجعتها.من اللجان المختصة.وعليه سوف نصل نحو بر الأمان خطوة بخطوة.