أقلام

لماذا صار الألمان أسيادا للنجاح

بقلم : جمال نصرالله

 

بعد أن تداول اللاعبون الألمان حمل كأس العالم ،لعدة دورات، صرح اللاعب الشهير مان بعبارة  تبدو جد مفيدة للذين يجهلون ، عوامل النجاح والقوة ، وكيف استطاعت الآلة الألمانية أن تثبت للجميع بأنها حقا الآلة التي لا تقهر ،فقد قال مان ( اللعب الجماعي مكننا من ضبط أمورنا ، ولا تهمنا الفرديات ،التي تعني اللاعب وحده ،وشهرته ،وأسعاره  ،مع حسابات الأندية التي تستقدمه ) 

وقبل الدورة التي جرت بالرازيل عام2014  سميت تشكيلة الإسبان بأسياد التمرير، لأنهم كانوا يشتغلون اشتغال الآلة المركبة من عدة قطع ومفاصل ودوائر، تتحرك بشكل منظم وفي الأخير تقدم حركة واحدة مضبوطة، تعود بالنفع على مستخدمها ،  وهي في الأصل نتاج عمل جماعي مشترك كذلك ،وعليه يبدو أن المتتصرفين بهذا الشكل يدركون وبوعي تام  ما لذي يقومون به على الأرض وليس مجرد تصريحات  فضفاضة لا تعدو في آخر المطاف مجرد أماني وأحلام،

وإذا رجعنا إلى الوراء ونحو قرون خلت ، يتبين لنا بأن الألمان كان لهم فضل وفير في دحض الفلسفات الكبرى والدفع بها  نحو التجريب والواقعية ، أي جعلوا  نوعا من التطابق بين الفلسفة والمنطق ، زيادة ، عن أنهم أنهم كانوا رمزا للجد والجدية ، حتى وأن البعض منهم استفاد من الآخر على غرار العرب واليونان والصين والهنود الحمر ، لكن النتيجة أفادت البشرية جمعاء ،، قوة الفلسفة الألمانية وصلابة متعاطيها انعكس بشكل ايجابي على  مرامي الحياة  وشتى مناحيها  ، حتى أضحت أي الفلسفة والتي هي مفتاح النجاح لأية  حضارة  ، متوفرة كقراطيس الفول السوداني بين شوارع مدن الرايخ ، دون أن نتطرق إلى وضعها داخل المؤسسات والجامعات والمعاهد، 

إن تاريخ ألمانيا  حقا مليء بالشوائب والانحرافات ، وخير دليل ما ذهبت إليه مزاعم هتلر، الذي أراد تدمير كل الأجناس البشرية بغية أن يعلو على سدة العالم والتاريخ ؟ا فخلفت الحرب العالمية الثانية وحدها قرابة السبعين مليون قتيل ؟ا لكن هتلر لم يكن فيلسوفا بل مجرد شخصية معقدة منذ الصغر ومتعصبة  ذات أطماع سياسية، وطفرة جاءت بها الصدفة مع بداية القرن العشرين ، مثله مثل جينكيز خان وحفيده هولاكو ، أو حتى ممن يٌذكرون في تاريخنا العربي عن أنهم كانوا الأكثر بطشا ودموية  ، ويوصفون بالجنون والطغيان ،

الألمان أثبتوا للعالم بأنهم ذوو بنيان مرصوص ، وأن العظمة ليست في الأبنية والأبراج والمصانع

التي تُبنى بالأيدي ،ومعرضة للزوال أية لحظة ، أو بمجرد أزمة سياسية ، إنما الخلود للعقول التي 

باستطاعتها أن تجدد نفسها وأن ترسم من حولها أمنها وسلامتها وديمومتها ، وذلك بالوحدة والتضامن والتآزر والتشمير على السواعد ، والاتفاق على الأهداف السليمة والنبيلة، كل هذا ترجمته كرة القدم 

وعلى المستطيل الأخضر ،فقد بدا الفريق الألماني أكثر تماسكا، وأكثر جرأة وثقة بالنفس ، لا لشيء

 

سوى أن عوامل الدقة والمثابرة والإتقان كلها مواد بناء حية  ساهمت في بلورة الرؤى المرجوة،   فشتان إذا بين الطموح الذي هو حق مشروع  وهو في آخر المطاف لعبة حظ ،وبين الممارسة التي   هي أقرب للعلوم الدقيقة ، وقديما قال أهل التربية العلم في الرأس وليس في الكراس، أي في الوعي 

والنضج والتجرد من الأنانيات والتقاليد البالية التي تزج بالجميع نحو الانحدار والانزلاق؟ا

إذا الخلاصة تكمن في أن العمل الجماعي والتشاوري هو سر النجاح ،وقد أعطينا كرة القدم كمثال يحتذى به ،وقس على ذلك فالأمر ينطبق على جميع المجالات،،،إن عرفنا نحن كيف نملك

آليات التطبيق،والتفعيل ،ولا عيب في التقليد إذ تعلق الأمر بماهية النجاح والخلاص،وكل ذلك يرجع ويعود للفلسفة إذ كانت هي الأم والأصل والجذر والبذر 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى