
بقلم: جمال نصر الله
تابعت تقريبا كل مناظرات ومداخلات أستاذنا الجليل نضال قسوم،خاصة حصته الشهيرة تأمل معي .ولاحظت بأن الرجل في كل مرة لا يبتغي أن يفوت الفرصة إلا وتحدث عن الداروينية،التي يتخذها نبراسا لكافة تدخلاته والتي كما هو معروف أراد بها العالمي البريطاني (تشارلز داروين) أن يثبت للعالم أن أصل الإنسان قرد؟ا دون إعطاء حجج مقنعة يتقبلها العقل ،بل هي مجرد فرضية فقط .وليست نظرية في الأصل،ويقول معظم الباحثين أنه لو كان داروين يعيش بيننا اليوم لأنكر ما ذهب إليه بحكم عدم وجود يومها (علم الوراثة وعلم الفيزياء الحيوية وعلم الاكتمال الرياضي وكذا علم الأجنة) هذه أهم الأسباب التي تثبت بأن الفرضية هذه مجرد تأمل بطريقة بدائية ليس إلا؟ا داروين في الأصل هو طبيب وعالم جيولوجيا وليس عالم أحياء وبيولوجيا.ذهب في رحلة بتكليف من المملكة البريطانية آنذاك،وبعد عودته بخمس سنوات كتب(أصل الأنواع) الذي حدد فيه أن أصل كل كائن ينحدر من خلية،وأن الخلية تتفرع وتصبح طفرات منها من يبقى على قيد الحياة ويصمد ومنها من ترفضه الطبيعة ،وبنى كل شيء على قوة وجبروت الطبيعة لأنها هي من تمارس عملية الانتقاء والغربلة،لذلك فالكائن الذي يملك المؤهلات لأجل أن يوفر غذاءه وطعامه اليومي هو الذي يتكاثر ويخلد ويمكنه مواصلة العيش..أما الضعيف فإنه يفنى وينقرض..هذا النوع من الطرح جانبه نوع من الحقيقة من طرف الكثير من الأوساط العلمية.وعلى الرغم من بعض الأخطاء التي شابتها بحكم أنها في الأخير مجرد رؤية عالم وضيقة الأفق في آنِ .فإننا نحن كعرب ومسلمين لا يمكننا أن نستسيغها،حتى وأن داروين ليس بملحد بل هو مسيحي ويؤمن بوجود إله،إنما العيب في بعض المتحذلقين ممن يزعمون بأنهم متأثرين حد النخاع بداروين،غير آبهين بإعلان دينهم.فقط السؤال( هل كان يعلم داروين ما كان موجود في القرآن وهل قرأه وخضّع نظريته به) لأن حقيقة الإنسان موجودة في كتابنا العزيز.حيث يبين لنا القرآن الكريم كيف أن الله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم أي في أحسن صورة ،وأعدل خلق،والأدق أنه سبحانه أقسم بالتين والزيتون وطور السنين وهذا البلد الأمين أي ثلاثة أماكن مقدسة (الشام التي هي أرض عيسى وطور هو الجبل الذي كلم فيه الله موسى عليه السلام والبلد الأمين هي مكة أي بلد محمد (ص)) ليؤكد لنا هذه المقولة التي لا تحتاج لجدل آخر(في أحسن قوام وتكامل وتناسق)وهو ما يؤكد أن آدم هو فعلا أبو البشرية ولا أحد قبله خاصة قوله جل وعلا( ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين.وهديناه النجدين) ـ البلد (08/11)وفي آية أخرى ( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم) ـ النور24 وأخيرا ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر) ولو تأملنا المغزى
من هذه الآية لوصلنا إلى الله خلق الإنسان وفضله عن باقي الكائنات.بحيث وحده الذي قامته مرتفعة عكس كل الدواب والحيوانات التي تمشي منبطحة على الأرض.ووحده من يستطيع السفر والتأمل والتنقل في البحار والبراري والتساؤل والابتكار ..وصراحة توجد كثير من الأدلة القرآنية أن الإنسان خلق من طين.ونُفخت فيه الروح…عجب العجاب فقط كما قلنا آنفا ..كيف لأستاذنا الكريم أن يذهب به الخيال ليقول لنا بأن الأدلة على أن أصل الإنسان كان قردا هو العثور على06 جماجم وبعد فحصها بالليزر وقياس طولها وعرضها تبين أنها قبل ملايين السنين كانت لقردة.وهل يا ترى هذا بدليل كاف ..الجميع يعلم أن القردة خلقت كذلك منذ ملايين أو حتى ملايير السنين .لأنه ولا أحد اليوم استطاع أن يقيس عمر الأرض..أو يعرف متى بُعث آدم… أو متى خلق الله السموات والأرض… قسوم يريد أن يثبت لنا ولو بالتكهن أن العلم بتقدمه التكنولوجي استطاع أن يعرف كل الحقائق التي سألها العقل البشري وبه عجز عن إيجاد حقائق ملموسة لها…وكم كانت دهشتي وأن أستمع إليه وهو يقول بأن العلم استطاع أن يكتشف ملايير الكواكب الشبيهة بالأرض ؟ا وأن هنالك أكوان أخرى خلافا للكون الذي نعيش بداخله..ولزم علينا أن نعرف ما الذي يحدث بها ..فلربما هناك بشر ..يعيشون في تلك الأكوان ..ولابد أن نصل إليهم ونعرف كيف هم يعيشون وهم شركائنا في هذه الحياة(هكذا يدعونا نضال قسوم)..وللأسف فالقرآن الكريم أجاب عن كل هذه الأسئلة..ولسنا ندري لماذا بصاحبنا أن يذهب به المذهب لطرح أسئلة ما وراء الميتافيزقا. بل هي في الأصل من صلب المفكرين الغربيين .. والأصح اللادينيين .أي ممن لا يريدون إقحام الدين في أية مسألة أو حضور ووجود..ناهيك عن أن علماء عرب قدماء طرحوا نفس الأسئلة…ولكن باستحياء ..ولم يشرّعوا لها أواعتبروها هي أساس العلم والبحث كما يريد أن يقول قسوم.. وإنما هي مجرد نزعات وشطحات فلسفية .ليس من الضروري تخصيص معاهد لها وجعلها أسئلة العلم والعصر…نعم إن الله سبحانه دعى البشرية للتأمل والتدبر والتبصر .لكن هناك إجابات مقنعة تم تأكيدها في كثير من الآيات… ـ من تكوين الجنين إلى الموت ـ …..فمالحاجة يا ترى لإعادة إنتاجها وخلعها من حقائقها ؟ا