أقلامالأولى

لولا الشك لما تقدمت الحضارة الإنسانية؟

 جمال نصرالله

لو قمنا بعملية أركولوجية لتاريخية الشك، لوجدنا أن الملائكة نفسها منذ بدء الخليقة كانت قد طرحت سؤالا مفاده الشك المؤدي للبحث عن اليقين ،يوم تساءلت  أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وهذا حينما قال الله سبحانه وتعالى: إني جاعل في الأرض خليفة ـ هذا الطرح أو التساؤل هو حد ذاته نوع من الشك في الحالة التي يصح فيها بوجود نوع من المجادلة إلى غاية أن نصل إلى القصص القرآني .يوم نجد أن النبي إبراهيم يسائل المولى عز وجل أرني كيف تحيي الموتى.فيرد الله (أو لم تؤمن بعد) فيرد إبراهيم: ـ بلى ولكن ليطمئن قلبي ؟ا ـ بحيث نستخلص بأن الأنبياء أنفسهم كانوا يشكون ويطرحون الأسئلة الجدلية من أجل الوصول إلى الحقائق واليقينيات…. اليوم صار على المثقفين أن يندبوا حظهم يوم يصطدمون ببعض القامات التي تعتقد نفسها بأنها حريصة على الدين، فعوضا أن ترد بالإجابات المعقولة حينما تُطرح عليها أسئلة ،فهي لا تفعل ذلك بل تباشر في تكفيرهم على أساس بأنها مسلمات،وفي المقابل هي غيبيات،وليس لأحد أن يسأل فيها.

نحن نعلم جيدا بأن الشك أنواع، خاصة بين السلبي والإيجابي ـ أي أنها هناك شكوك معقولة ومقبولة منطقيا وشكوك مرضية ومُضيّعة للوقت ليس إلا؟ا ـ الشكوك السلبية هي تلك التي تصدر من نفوس مرضية ومتعلقة بالأساس بالجوانب الشخصية والإجتماعية في العموم ـ لكن الشكوك التي هي أسئلة فلسفية تجوز في غالب الأحايين وممكن مقارعتها بالحجج والبراهين.مقبولة عقلانيا. لأن الاختراعات والإكتشافات التي نشاهدها اليوم والتقدم التكنولوجي المعاصر منبعه الأصلي هو الأسئلة التخيّلية ـ كالسيارة والطائرة والغواصة والطائرة بدون طيار.والمجهر وكل أنواع الأسلحة الحديثة وأجهزة القياس والتشخيص جاءت بفضل السؤال الفلسفي…وهذا في الأصل جاء مقارنة بالطبيعة نفسها. والإنسان والحيوان  كذلك.

ودعونا نعود للأسئلة والشكوك المرضية المفسدة ,خاصة لدى الشعوب العربية الإسلامية.كتلك التي تناقض الثوابت.والمسائل القطعية التي حسمت وختمت النصوص والآيات فيها حسما .كمسائل الجنة والنار ويوم البعث والعذاب عند المؤمن والمشرك 

 

والعاصي.فقط نحن نريد ألا يحكم بعض المتشددين قبضتهم على الشك الفلسفي الخاص بالعلوم والآداب والطب وباقي الفنون…ونقبل منهم عن أن القرآن الكريم أجاب عن الكثير 

من الأسئلة والتي للأسف لازالت تُطرح عند بعض الجماعات والناشطين بيل الباحثين في التاريخ والدين؟ا

لأن ملكة الشك هي بالأساس ملكة التفكير…والشك هو العملية الأساسية التي يقوم بها العقل.لأنك عندما تشك فأنت تستنبط وتفكر.ولا يمكن للمرء أن يفكر إلا إذا شكك ( الشك إذا هو الآلية الأساسية) مثلما قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي( من لم يشك لم ينظر) الشك هو النظر وحينما نبطله نُبطل التفكير؟ا والخوف من الشك هو حالة مرضية يصنفه الخطاب الديني  المعاصر عن أنه سلوك شيطاني؟ا وهذه هي أهم المعضلات التي نقصدها حول ما يلف ويحيط بالشك كملكة ربانية ليست طبعا متوفرة عند الجميع . بل قل هي موهبة يمكن تنميتها إذا ظلت تلازم وترافق العقل البشري يدا بيد.ونقصد الشك في تفكيك الموروثات والتقاليد التي لازالت تحكم العقل وتكبله بسياج دوغماتي…خاصة العربي مثلما ذهب في ذلك نفر من المفكرين.هذا العقل الذي يراد له التسليم بكل ما يُطرح عليه ويٌجبره على القبول به.

تاريخيا وحتى اليوم  فإننا نجد بأن الشك هو مُلهم الفلاسفة والمفكرين.يوم مارسوا الشك على كل المُسلمات.(الشك باب إجباري للبحث) وهو جزء من التاريخ البشري.لأن التاريخ يتطور بالشك وكذلك الفكر السياسي,لأن في هذا الأخير تجد غالبا انعدام اليقين.وتوجد بعض النظريات وبعض الترجيحات فقط مما أولد الكثير من المظاهر السلبية أولها العنف والجهوية والعنصرية والعصبية المُقيتة.

قال براترند راسل وهو فيسلوف انجليزي متحصل على نوبل عام 1952 .ومتوفي عام 1970 ( لست مستعدا لأن أموت من أجل فكرة ثم بعدي يتضح بأنها خاطئة) أي وجب الإبقاء على نوافذ السؤال مفتوحة…وهذا يحيلنا لكي نؤكد عن أن الشك المعرفي هو عملية مكلفة للفرد و نابع من الوعي (الشك طريق الإبداع …عكس الإتباع).مع وضع طبعا أخلاقيات كما أشرنا منذ البدء..لأنه لو غابت الأخلاقيات صار شكا غير مرحب به ومفسد للفكر نفسه؟ا أي التسليم بوجود أسئلة فلسفية مشروعة .وأخرى مبتذلة ومُنفرة ؟ا

  • وسوف نستعين بهذه المقولة في هذا السياق(الشك وحده لا يكفي للإصلاح.إذ لا بد للمصلح الذي يشك في نظام قديم أن يأتي للناس بنظام أصح منه ) أي مقارعة الحجة بالحجة.والتسلح المبدئي بالأدلة المنطقية والبراهين. أخيرا وجب أن نشير عن أن الشك أنواع..وأنه مُجبر على عدم الإقتراب بالمقدسات. التي تم الفصل فيها وهي من لدن الله سبحانه وتعالى. وعدم وجود إجابات لها هو حكمة ربانية.تيمنا بهذه الآية( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء.إن تبد لكم تسؤكم ) صدق الله العظيم .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى