
إن فتنة الصليبية الصهيونية المتعددة الأوجه والمعاني, فلطالما فكرت واجتهدت وخططت لضرب استقرار الدول العربية والإسلامية بشتى الوسائل منها الثقافية والفكرية الممثلة في الغزو الثقافي والفكري المتعدد الوسائل, والدينية كصناعة الإرهاب الدولي والترويج له و تموينه وغرسه في مناطق معينة والقصد منه تشويه الإسلام وشيطنة المسلمين, زيادة على الإيديولوجيات المسمومة وزرع القلاقل وخلق افتراءات وأكاذيب تدين الأنظمة العربية بالدكتاتورية ومخالفة مبادئ الديمقراطية والحرية الدينية والسياسية, علما أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية من أكبر المخالفين لهذه المبادئ, وخاصة ديمقراطية العلاقات الدولية الممثلة في احترام سيادة الدول واستعمال الدبلوماسية في حل النزاعات ونشر السلام والاهتمام بالشعوب الفقيرة, ومن هذه الفتن الصليبية الصهيونية الحروب التي وقعت في العراق وسوريا وليبيا وتصدير الديمقراطيات كالربيع العربي وغيره من ديمقراطيات قوس قزح الوهمية التي ترمي أساسا إلى إدخال الدول العربية في دوامة العنف والاقتتال وفتن الطائفية قصد تقسيمها إلى طوائف متناحرة.
ومن أكبر الفتن التي ستزيد من تصدع الصف العربي وضرب المسلمين ببعضهم البعض وتزيد من التصعيد لإدخال منطقة الشرق الأوسط في حرب إقليمية يكون الرابح الوحيد فيها الكيان الصهيوني, هو جر دولة البحرين إلى دعم التحالف الدولي لضرب أهداف حوثية عسكرية في اليمن, وقد قال الرئيس الأمريكي في تصريح رسمي “إن الولايات المتحدة وبريطانيا نفذتا, بدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا, ضربات في اليمن ضد مواقع يستخدمها الحوثيون”, وهذا ما يسمى بإعطاء الشرعية لهذا العدوان الإجرامي على اليمن, كل هذا الاستنفار من القوة العسكرية المشتركة الأمريكية والبريطانية من أجل الدفاع عن العدو الصهيوني وتأمين حماية سفنه التجارية دليل على نازية جديدة طورها الغرب وأدخلها في قاموسه العنصري, علما أن أمريكا كانت تحارب النازية الهتلرية واليوم أصبحت تنتهجها كأسلوب جديد ضد العالم العربي والإسلامي.
أمريكا استعملت حق النقض مرات ضد قرارات وقف القتال في غزة, زودت الكيان الصهيوني بجسر جوي من الأسلحة المتعددة والعتاد, وأعطتها بطاقة بيضاء لتفعل ما تريد من جرائم في غزة يندى لها جبين الإنسانية من إبادة جماعية وترحيل قسري وقتل الأطفال والنساء والتنكيل بالجثث, ولكنها بمجرد أن منع الحوثيون عبور السفن التجارية المتجهة إلى الكيان الصهيوني, ثارت ثائرتها وكونت حلفا دوليا واعتدت على اليمن, وساهمت بطرق غير مباشرة بتعريض المنطقة إلى الخطر وجرها لحرب إقليمية, ومن العربدة الأمريكية وانحيازها العنصري وصفها لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية ” بلا أساس”, وهذا ما يسمى بالدعم الغربي الأعمى للكيان الصهيوني, الذي جعله يتنصل من جميع مجازره ومذابحه المقترفة في حق الشعب الفلسطيني طيلة 76 سنة, وجعله في منأى من كل عقاب أو مساءلة قانونية.
لذلك فالصهيونية واقع لا ينكر وفكر لا يستهان به وإيديولوجيا عنصرية لا يختلف عليها اثنان, فهي ثقل متربع على العالم لها في كل جحر أفعى متربصة, وفي كل دولة مجموعات ضاغطة, تملك المال قريبة من مراكز القرار, تتموه مع الظل وتتفاعل مع الأحداث السياسية والاقتصادية, تسعى جاهدة لنشر سمومها تتلون كالحرباء تجيد السباحة السياسية وتتقن الدبلوماسية, وهذا ما يجعلها تبسط نفوذها السياسي والأيديولوجي الموسع دوليا, ولكن نهايتها ستكون على يد الشعب الفلسطيني إن توحدت ثورته وفصائله, المقاومة في غزة استطاعت أن تعري هذا الجيش الذي أشيع أنه لا يقهر و نشرت حوله الخرافات, فما بالك إن توحد كل الشعب الفلسطيني وازداد دعم الأمة العربية والإسلامية للقضية الفلسطينية.
بلخيري محمد الناصر