أقلام

مقاربات حياتية

أصالتنا وتراثنا وقيمنا في خطر, فعندما ننجذب نحو مصيدة مسخ الموضة والتي عاصمتها باريس, موطن كبار مصممي الأزياء, وأمثالهم في جميع العواصم الغربية والكثير من دول أوروبا الشرقية ودول المعسكر الشرقي, الذين أصابهم جنون العظمة, فخرجوا عن المألوف وما تقتضيه الأخلاق والحشمة, بحجة الحرية الشخصية التي حطمت قيمنا الإسلامية وأدخلتها في متاهة الانفصام المرضية, وأفسدت شبابنا وبناتنا وجعلتهم يختزلون نشوة الحياة في بريق الأزياء, هؤلاء المصممين جعلوا من التعري عنونا لتصميماتهم الشيطانية, إنها هروب من الواقعية الإنسانية المحافظة إلى فضاء الشهوة الحيوانية و الانحطاط والشذوذ والذوبان في ثقافة مشوهة, محاولين بذلك تغيير منطق الكون المبني على التوازن, وإدخال المجتمعات الإسلامية في دوامة عصرية تفقده أصالته وقيمه, والمثل الشعبي يقول “كل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده” فهم لم يكتفوا بتصميم الأزياء المحتشمة, بل تعدوه إلى ازياء شفافة تظهر مفاتن الجسد وثقب الجسم وغيره من الأفكار الجهنمية والابتكارات الشيطانية والمتعددة‪.‬‬

وقد ابتلى شبابنا بموضة السراويل الممزقة والتي انتشرت بين الجنسين بكثرة, وهذا دليل على أن الموضة لها دور كبير وخطير في التأثير على الأفراد والمجتمع, فهي عدوى تنتشر بسرعة, فالملابس حسب أهل الخبرة تؤثر على شخصيتنا وسلوكنا وإدراكنا وقناعاتنا وهذا يسمى “بالإدراك المغلق”, فقد بدأ تقليد الغرب في زيهم وملابسهم بداية من انتهاء الدولة العثمانية, بحيث لم يعرف العالم الإسلامي قبل هذا التاريخ أي اختلاف في الزي الإسلامي, تثار حوله مواضيع أو اختلافات في الرأي, فقد عرف التاريخ أن من وراء محاولات إخراج المرأة المسلمة من قوقعة الحشمة والستر هم اليهود, فهم من يتحكمون اليوم في دور الموضة والزينة في العالم‪.‬‬

الأدب الإسلامي وعاء الحشمة والستر ورائدها، كما أن الاحتشام أخلاق قبل أن يكون نمط من الملابس يستر العورة, فرفعة المسلم تجعله في غنى عن فكر فاسد وموضة جامحة, فكل دعوة من الله هي غاية سامية ترفعنا لنكون في منزلة اتزان عقلي وخلقي وروحي وفكري تجمع شملنا وتوحد كلمتنا‪.‬‬

يقول تعالى في سورة النور الآية 31 “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‪”.‬‬

لذلك فعلى شبابنا اليوم أن يكونوا متعلقين بما هو شرعي سواء في اللباس أو غيره, وأن تكون قبلتهم الروحية ربانية ثابتة لا تهزها موضة فاسدة ولا فكر مشوه ولا ثقافة هابطة, وأن يكونوا واعين بما يراد بأمتنا من دسائس, المراد منها جعلنا نتراوح في حلقة مفرغة, بحيث لا نستطيع أن نرفع رؤوسنا لنرى موقعنا بين الأمم, فقد شرّح لنا الرسول الكريم حالنا اليوم تشريحا دقيقا, فعن أبي

سعيد الخدري أن رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم قال ” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر, وذراعا بذراع, حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم” قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟‪ .‬‬

بلخيري محمد الناصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى