أقلام

مقاربات ضرورية.. تحديات المستقبل ورهان الإنسانية

د. ابراهيم ابن يوسف — رئيس مرصد الفضاء والمجتمع كندا.

 

الآن وقد سيطر الزحف الآلي والاصطناعي واتضح توجهه وأصبح من الضروري ترشيد استخدامه حتى يكون لصالح الرقي الإنساني والعلمي وأن لا يكون عكس ذلك.

من المشهود أن مسار تطور حياة البشر عبارة على تغيير متواصل من أوضاع بسيطة إلى أوضاع أعقد. فقد أنتقل في هذا المسار من حياة الكهف والمغارة إلى حياة القرية ثم إلى حياة المدينة ثم إلى حياة المجمعات الحضرية الكبرى وها هو يبحث عن نمط الحياة في الفضاء.

وتتسارع وتيرة التغيير كلما تقدم الزمن. فالفاصل الزمني بين أهم المنعرجات في تاريخ البشرية كان يُعد بملايين السنين ثم تسارع إلى عشرات الآلاف من السنين ثم الى آلاف السنين ثم إلى مئات السنين ثم إلى عشرات السنين والآن تقاس وتيرة التغير بالسنين فقط.

غاية الإنسان من التغيير كانت دوما التحرر من القيود وكلما تحرر منها سقط في قيود جديدة وهلم جرا. فكان التحرر هو الغاية المحركة للتاريخ. وما أنفك التطور يَعْبُر عبر سيارة التكنلوجيا كوسيلة، لكنه فقد الغاية في الأخير وأنقلبت عليه الوسيلة لتفرض قانونها عليه.

أصبحت التكنلوجيا أكثر من وسيلة، بل غاية وقوة فاعلة في التغيير تتحكم في حياة الإنسان.

الحاضر الإنساني يتنفس على وقع العولمة والاتصال والتكنلوجيا. الواقع الإنساني يتحرك على وتيرة السرعة ويبتعد كل يوم شبراً عن الأرض وعن الطبيعة وعن الإنسان.

التقدم التكنلوجي يجدد ويبدع في الوسيلة، ولكنه يفشل في الغاية و يبقى رهان الغاية قائما.

فالواقع يؤكد أن التكنلوجيا تستخدم أكثر للهيمنة (الصناعة الحربية)، وتستخدم أكثر للضبط والرقابة

(الصناعة الأمنية)، وتستخدم لزيادة الإنتاجية والأرباح

(الصناعة الغذائية)، الخ… ويبقى رهان النوعية قائما.

ومن ضحاياها: الطبيعية التي ما انفكت ضحية التعديل الاصطناعي. ومن ضحاياها: الإنسانية التي قُزِمت أمام زحف القانون الاصطناعي والآلي.

ومن ضحاياها: الثقافة التي تميعت تحت سلطة الاستهلاك والتظاهر.

وبقدر ما يبتعد الإنسان عن الأرض وعن إنسانيته بقدر ما يضعف ارتباطه بالأرض وبِوتَدِ الإنسانية و جذورها لذا يبقى التحدي الأكبر هو رهان الإنسانية والثقافة وهنا تكمن أهمية التراث والابداع الإنساني في ترشيد الزحف التكنولوجي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى