أقلام

مقاربات فكرية.. الفضول الثقافي في زمن التصحر الفكري

الفضول الثقافي أو المعرفي دافع جيد للتألق وإكتساب مهارات ثقافية تخرجنا من علم الركود إلى فضاء الإكتشاف والمغامرة, كما يعتبر محرك نفاث لزعزعة الدماغ البشري وتنشيطه, ومن هنا تبدأ رحلة الولوج إلى عوالم المعرفة والثقافات العالمية وسائر العلوم, فقد قال عنه سقراط ” أعرف نفسك بنفسك”, ولهذا فهو علاج نافع في زمن التصحر الفكري, وبدوري أعتبره “العصامية الفكرية والثقافية”, فقد يستطيع الفرد منا إن حباه الله بهذا النوع من الفضول أن يصنع لنفسه مجدا, في الإعتماد على نفسه إن رزق بالصبر على خوض غمار هذا المعترك الإيجابي, ومن الأمثلة على ذلك يعتبر العقاد الذي لم يتجاوز المرحلة الإبتدائية, رجل العصامية ووقودها بإمتياز, فقد عرف نفسه بنفسه و ثقفها فكان فارس المفكرين والأدباء عن جدارة واستحقاق, فإن كان للعصامية رجل فهو رَجُلها الأول, فقد قال عنه الشيخ محمد الغزالي” العقاد أعظم من أمسك بالقلم في القرن العشرين, بل كان قلمه أقوى سلاح نافح عن الإسلام بالحجة والبرهان‪“.‬‬
ونحن في زمن التكنولوجيا والتطور العلمي والذكاء الإصطناعي فإن الفضول الثقافي والمعرفي يعتبر بوابة نحو عالم العصامية والنبوغ لما يوفره عالم الأنترنت من معارف، فهو بداية لإكتشاف الذاتية وقدرتها على التميز إيجابيا، فإن زاغ الفضول عن طريقه نحو الشهوات فهذا يعتبر سقوط حر في عالم الظلام والظلال، وهذا ما يحذر منه المختصون لما في عالم الأنترنت من جهة مظلمة قد تزل بأقدام من لا يحسنون صيد الفوائد‪.‬‬
ولكن هناك حجر عثرة في الطريق, مثل قلة المقروئية والمطالعة والتصحر الفكري والثقافي, وغياب النقد وسبات النقاد, الذي يعتبر سببه الأول التكنولوجيا الحديثة, أو فضاء الأنترنت والهواتف النقالة, التي أصبح التكالب عليها لا يبشر بالخير, فقد أصبح الإدمان عليها مرض يعاني منه الكثير وخاصة الأطفال والطلبة, فقد يرى خبراء أن الأنترنت يشوش الفكر ويضعف القدرة على التفكير والانتباه والتأمل, الذي بموجبه يتم فحص ما يحيط بنا ونستلهم منه قدرتنا على الإستغلال والتحليل والتماشي مع العصرنة والتحديات التي تواجهنا أثناء الغوص في هذا الموجه نحو النجومية‪ .‬‬
‪ ‬الفضول الثقافي والمعرفي يعتبر من الوسائل المهمة المساعدة على تخطي حاجز الجمود ودخول عالم المهارات المتعددة و منابع المعرفة واكتشاف عوالم كانت غامضة, وخاصة بالنسبة لتلاميذ الطور الابتدائي القابلين للاستجلاء والتوق لمعرفة الجديد واكتشاف المجهول, ولكن يجب التنبيه وعدم الخلط بين الفضول كفضول الإشتغال بما لا ينفع ولا يفيد, والتطفل على الناس, فهي عادات سيئة يجب الابتعاد عنها والتخلص منها, قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه‪”.‬‬‬
وبما أن الفضول المعرفي والثقافي مهم في حياتنا، وجب التمسك به لأن في غيابه يجرفنا الركود نحو قاعه الملوث, وبالتالي نفوت على أنفسنا فرصا كثيرة وخاصة ونحن في زمن السرعة والتحولات التكنولوجية والذكاء الإصطناعي, خطوات التعلم والثبات المعرفي والهامه الباعث على الخلق والإبداع في كل المجالات فكرية وثقافية وعلمية, فكم من عصامي أوصله هذا الفضول إلى مستويات العظمة الفكرية والأدبية والثقافية, ليقارع كبار الأدباء والمفكرين, وبما أنه ليس حكرا على أحد, فهو متاح للجميع إن تمسكوا بالصبر والمثابرة على التعلم وتثقيف أنفسهم‪.‬‬

بلخيري محمد الناصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى