
اتضح جليًا أن فرنسا تعيش صراعًا حقيقيًا بين طرفين متنازعين على سلطة القرار الفرنسي، وكل منهما يسعى لإثبات أنه المصدر الفعلي للقرار والمتَحكِّم في السياسة الخارجية الفرنسية.
وحتى تتضح الصورة أكثر، فإن قرار وزير الداخلية الفرنسي بمنع دخول زوجة سفير الجزائر في مالي، تحت حجج واهية، وتزامن ذلك مع دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتهدئة، كشف — أي قرار وزير الداخلية — أن فرنسا اليوم تعيش حالة “قرصنة” لقرارها السياسي، وأن حتى ماكرون لم يعد سوى ظلّ رئيس!
أزمة العلاقات الجزائرية-الفرنسية أسقطت ورقة التوت عن حقيقة منظومة الحكم في فرنسا، حيث تجاوز الأمر الصدامات السياسية الجزائرية-الفرنسية، خصوصًا بعد أن أصبح لعب اليمين المتطرف واضحًا. بل وصل الأمر إلى حدّ أن طفا في الأوساط السياسية تساؤل منطقي؛ عمن يحكم فرنسا؟ وأي قوى غير دستورية سيطرت على مصدر القرار الفرنسي؟
بعبارة واضحة، الاختلال لم يعد محصورًا في دائرة الصراع الجزائري-الفرنسي، بل تحوَّل إلى معركة داخلية يخوضها الفرنسيون أنفسهم بحثًا عن “ختم الجمهورية”، ومن يملكه تحديدًا، خاصة بعد أن أثبت وزير داخلية ماكرون أن رئيسه ليس إلا “خضرة فوق عشاء”.