![مهام وتنظيم هيئة الأركان العامة 1 الجزائري...](https://cdn.elwassat.dz/wp-content/uploads/2020/07/الثورة-الجزائري....jpg)
بقلم الأستاذ فرحاني طارق عزيز.
ظهرت هيئة هيئة الأركان العامة عقب اختتام أشغال جلسات الدورة الثانية للمجلس الوطني للثورة الجزائر في 18 جانفي 1960م، وكان الهدف من تأسيسها هو توحيد قيادة جيش التحرير الوطني لتفادي الإخفاق الذي عرفته هيئات القيادة العسكرية السابقة، وفي هذا العدد من جريدة الوسط سنتعرف على هذه الهيئة التي تولت قيادة وتسير الفترة الممتدة ما بين جانفي 1960-جوان 1962م.
مهام هيئة الأركان العامة:
تعد هيئة الأركان العامة أعلى هيئة قيادية تم استحداثها خلال الثورة التحريرية، حيث تأخذ قيادة الأركان صفة المسؤولية أمام المجلس الوطني للثورة الجزائرية، كما أسندت لها فأصبحت قيادة مثل الحكومة قانونيا، كما أسندت لها مهمة إعادة تنظيم جيش التحرير الوطني ورفع معنوياته، والعمل على توفير الحراسة للإطارات المكلفة بالدخول إلى الجزائر.
تولى العقيد هواري بومدين قيادتها بمساعدة كل من الرواد: علي منجلي، قايد أحمد، رابح زراي المدعو عز الدين، ومقرها غار الدماء تونس، وقد استلم العقيد هواري بومدين مهامه بصفة رسمية يوم 23 جانفي 1960م.
واجهت هيئة الأركان العامة عدة تحديات ميدانية أهمها العمل على توحيد وحدات جيش التحرير الوطني المتمركزة على طول الحدود الشرقية والغربية للجزائر، في ظل ظروف خطيرة تمثلت في انتشار الفوضى وغياب الاستقرار في صفوف هذه الوحدات، لذلك سعى العقيد هواري بومدين ومساعدوه إلى للعمل على القضاء بسرعة على الفوضى التي انتشرت في صفوف وحدات جيش التحرير الوطني المرابطة على الحدود الجزائرية التونسية، ومحاولة فرض الانضباط التام بين أفرادها.
توسيع نطاق العمليات العسكرية التي تهدف إلى تخريب السد الشائك والمكهرب الذي أقامته السلطات الاستعمارية الفرنسية، مع إعادة تنظيم فرق الحدود وهيكلتها وفقا لتنظيم قتالي يتيح إمكانية تحويلها إلى فيالق خفيفة تقاتل بشراسة وتتواجد في أي مكان وزمان.
التنظيم القتالي لقيادة أركان جيش التحرير الوطني :
بدأت قيادة الأركان بإعادة تنظيم جيش التحرير الوطني وتوحيده في أواخر شهر جانفي 1960م وما أن حل فصل الصيف حتى كانت قد أشرفت على نهايتها. فوظف العقيد هواري بومدين من أجل إنجازها بنجاح مؤهلاته الذاتية التنظيمية المعروفة، مستفيدا في عمله من دعم العقيد عبد الحفيظ بوصوف والعقيد لخضر بن طوبال ومن تجربته الناجحة في الغرب ومن دروس التجارب الفاشلة لمن سبقوه في الشرق.
أشرفت كذلك قيادة الأركان العامة على تنظيم المجالس الحربية المكلفة بقيادة الولايات، التي أصبح على رأسها عقيد ذو وظيفة سياسية وعسكرية، وأربعة رواد للاضطلاع بالوظائف العسكرية السياسية الاستعلامات والاتصال، أما المنطقة فتحت رئاسة نقيب وثلاثة ملازمين والناحية برئاسة ملازم وأربعة ضباط برتبة ملازم ثاني والقطاع برئاسة مرشح أو مساعد وأربعة رقباء.
وبالنسبة للقادة خريجي المدارس العسكرية العربية حشيشي زين العابدين، عبد الحميد الشريف، محمد علاق، إبراهيم بروال، حفناوي بن ساعد، عيسى بخوش، عبد الرزاق بوحارة، وكمال عبد الرحيم فقد تولوا جميعهم قيادة كتائب المدفعية الثقيلة التي تم تقسيمها بين المنطقتين الشمالية والجنوبية.
أما التنظيم الداخلي لقيادة الأركان فطبق فيه جزئيا المخطط التنظيمي الذي نجده في تنظيم الجيش الفرنسي، الذي يضم مجموعة مصالح، حيث استكمل العقيد هواري بومدين تنظيم الهيئة فأنشأ في البداية خمسة مكاتب متخصصة وهي:
- المكتب الأول للإدارة والتسيير العام تولى قيادته الملازم الأول بوزادة.
- المكتب الثاني للاستخبارات بقيادة النقيب موسى وإشراف الرائد سليمان.
- المكتب الثالث يحمل اسم المكتب التقني، تولى قيادته النقيب زرقيني وسليمان هوفمان. وتمثلت مهمته في التخطيط للعمليات العسكرية وجمع المعلومات المتعلقة بها.
- المكتب الرابع مكلف بشؤون المقاتلين والموظفين أسند إلى النقيب شبيلة.
- المكتب الخامس الصحافة والإعلام والتربية وضع تحت تصرف النقيب فرحات.
ومن جهة كانت القيادة قد أقامت نظاما للمراقبة، بقصد التمكن من أن تكون مطلعة ومدركة باستمرار على وضع الوحدات في مختلف الجوانب، فكان هذا النظام يرتكز على إجبارية عقد اجتماعات أسبوعية تضم أهم المسؤولين على مستوى كل فيلق وكل كتيبة ثقيلة. إلى جانب ذلك ومن أجل فرض الانضباط الصارم.
كانت قيادة الأركان تتدخل باستمرار وبصفة مباشرة، أو بواسطة لجان المناطق من أجل الاطلاع على تنفيذ برنامج العمل العسكري، وكيفيات التكفل بالمجروحين ونقلهم ووضعية أسلحة الاحتياط وذخيرته والتجهيز والأدوية والمواد الغذائية، كما اعتمدت هيكلة معيارية للوحدات وجدولا نظريا لتجهيزها بالسلاح والذخيرة والمعدات، وذلك من أجل ضمان استعمال الموارد البشرية على أحسن وجه وتجديد الوسائل المادية. فتحسنت وضعية المقاتلين في جيش الحدود بتحديد الحصص الغذائية، ومراقبة التسيير ومحاربة التبذير، وأصبحت أساليب الإدارة والتسيير بوجه عام أكثر فعالية خاصة عن طريق الرقابة الصارمة، وترشيد الإنفاق والقضاء على الاختلاس والتزوير في المحاسبة. كما تحسن مستوى التدريب والتكوين والتسليح وكانت النتيجة بعد حوالي ستة أشهر من إنشاء قيادة الأركان العامة أن تحولت وحدات جيش التحرير الوطني في الحدود الشرقية والغربية إلى جيش متماسك قوي تتوفر فيه مواصفات الجيش التقليدي، تنظيما وتسليحا وتكوينا وانضباطا.
واعتمدت قيادة الأركان العامة في عملها على إعادة تقسيم الشريط الحدودي الجزائري إلى ثلاث مناطق عسكري وضعت كل واحدة منها تحت مجاهدين أكفاء، وتم وضع حدود لكل منطقة وفقا لما يلي:
منطقة العمليات الشمالية: تمتد من العيون شمالا إلى حدود الولاية الأولى جنوبا، كلف الرائد عبد الرحمان بن سالم بقيادتها بمساعدة كل من: شابو عبد القادر نائب عسكري، الشادلي بن جديد نائب سياسي، أحمد بن عبد الغني نائب اتصال وأخبار.
منطقة العمليات الجنوبية: تمتد من جبل سيدي أحمد إلى حدود الصحراء جنوبا، تولى قيادتها الرائد صالح السوفي بمساعدة كل من: محمد علاق والسعيد عبيد.
منطقة ثالثة تمتد من أقصى الجنود إلى ليبيا: تولى قيادتها الرائد محمود قنز.
وتنشط في هذه المناطق الثلاثة عدد من فيالق جيش التحرير الوطني كالأتي: 14 فيلق في منطقة العمليات الشمالية، 07 فيالق في منطقة العمليات الجنوبية، إضافة إلى وحدات متنقلة تابعة لجيش التحرير الوطني تمركزت بالمنطقة الثالثة.
تنظيم الفيالق الناشطة في منطقة العمليات الشمالية:
أشار العقيد الشادلي بن جديد في مذكراته إلى منطقة العمليات الشمالية أصبحت تضم 14 فيلقا ميدانيا مدعومة بأربعة كتائب لسلاح المدفعية الثقيلة مع نهاية سنة 1960م وهي:
- الفيلق 11 بقيادة أحمد ترخوش.
- الفيلق 12 بقيادة علي بوخدير.
- الفيلق 13 بقيادة عبد القادر عبد اللاوي ثم قدور بوحرارة.
- الفيلق 15 بقيادة عطايلية محمد.
- الفيلق 17 بقيادة ذيب مخلوف.
- الفيلق 19 بقيادة سليم سعدي.
- الفيلق 21 بقيادة بوترعة عبد الله ثم مكركب مختار.
- الفيلق 24 بقيادة علي بوحجة ثم خلفه زواغي عمار.
- الفيلق 25 بقيادة يوسف بوبير ثم خالد نزار.
- الفليق 27 بقيادة محمد الصالح بشيشي.
- الفيلق 29 بقيادة محمد بن محمد.
- الفيلق 39 بقيادة عبد الرزاق بوحارة.
- الفيلق 56 بقيادة بالمحفوظ نوار ثم خلفه شمام عمار.
تنظيم الفيالق الناشطة في منطقة العمليات الجنوبية:
أشار المجاهد محمد زروال في كتابه القيادة العسكرية العليا لجيش التحرير الوطني في الحدود الشرقية إلى أن منطقة العمليات الجنوبية قد نشطت بها 07 فيالق كالآتي:
- الفيلق 43 بقيادة خليل حبيب.
- الفيلق 45 بقيادة العربي بلخير.
- الفيلق 53 بقيادة سعد قسطل.
- الفيلق 71 بقيادة إبراهيم الدبيلي.
- الفيلق 72 بقيادة عمار زغلامي.
- الفيلق 68 بقيادة صالح لندوشين.
- الفيلق 75 بقيادة (لم نتحصل على معلومات حول قائد الفيلق).
وهكذا واصلت قيادة الأركان خطواتها بثبات يحالفها كثيرا من النجاح والتحكم في الوضع، حيث أصبح لها جيش منظم يتكون من عدة فيالق يزيد تعدادها على 25 ألف جندي بين الحدود الشرقية والغربية، كما أنه أدخلت إلى الساحة أسلحة جديدة ذات مفعول قوي أصبحت ترعب القوات الفرنسية، وهكذا تغير الوضع في فترة وجيزة.