- تشكيل حكومة محاصصة مع الأحزاب والمستقلين
ق.و/بتصرف عن الأناضول
كشفت النتائج الرسمية للانتخابات النيابية في الجزائر، عن مفاجأة حققها حزب جبهة التحرير الوطني والمستقلين، وتقدم ملحوظ للإسلاميين، مع ضمان أغلبية برلمانية داعمة للرئيس عبد المجيد تبون، وفتح الباب أمام “حكومة توافق”.
في عمومها، أظهرت النتائج “بعث الروح” في أحزاب الموالاة وتعكس النتائج أداء قويا من أحزاب الموالاة، رغم تراجع تمثيلها النيابي مقارنة بالولاية البرلمانية السابقة، فيما سجل الإسلاميون مجتمعين تقدما ملحوظا بحصد نحو 110 مقاعد (مقارنة بـ50 سابقا) وتصدرت جبهة التحرير الوطني، السباق بـ105 مقاعد، رغم توقعات بانهيار الحزب في مرحلة ما بعد الحراك الشعبي المناهض لبوتفليقة؛ بسبب دعم الحزب للنظام السابق لكن الحزب، الذي تقول قيادته الجديدة إنه طهر صفوفه من المتورطين مع النظام السابق، فقد مقاعد في البرلمان المقبل مقارنة بالولاية السابقة (2017 ـ 2021)، إذ كان يملك 160 مقعدا.
وتعد “حركة مجتمع السلم” ، أكثر المستفيدين في السباق، بحصد 64 مقعدا، وهو قرابة ضعف مقاعدها في البرلمان السابق (35)، رغم أن قيادة الحزب كانت تطمح إلى احتلال المركز الأول.
وكانت مؤشرات تفيد بأن هذا الحزب الإسلامي، برئاسة عبد الرزاق مقري، قد يتراجع أو يحافظ على حصته من المقاعد دون زيادة، بسبب منافسة شرسة من حركة البناء الوطني (40 مقعدا)، وهي تضم كوادر منشقة عن حزب مقري.
وسجل حزبا “جبهة المستقبل” وحركة “البناء الوطني” تقدما كبيرا في هذا الاقتراع (48 و40 مقعدا على الترتيب)، بحكم أن تمثيلهما في البرلمان السابق كان ضعيفا وأظهرت النتائج أيضا أن المستقلين أضحوا القوة الثانية في البرلمان بـ78 مقعدا، لكن ذلك بدا منطقيا، حيث ترشحت قرابة 1200 قائمة من المستقلين للسباق متجاوزة عدد القوائم الحزبية.
** وضعية مريحة لتبون
وبالنظر إلى هذه الخارطة البرلمانية الجديدة، فإن الرئيس تبون بات في وضعية سياسية مريحة، وأمامه خيارات عديدة لتشكيل الحكومة المقبلة المنبثقة عن هذه الانتخابات.
وتنص المادة 103 من الدستور الجزائري على أن يقود الحكومة “وزير أول في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية (موالية للرئيس) أو رئيس حكومة في حال أسفرت الانتخابات عن أغلبية برلمانية (تابعة للمعارضة)”.
والوزير الأول في الجزائر هو منسق لعمل الحكومة من دون صلاحيات ويتبع الرئيس، أما رئيس الحكومة فيترأس حكومة لها أغلبية برلمانية ولديه صلاحيات، وتجعل نتائج الانتخابات الحكومة القادمة بين احتمالين، إما أن تكون مدعومة من كتل نيابية معارضة ،أو من كتلة تضم مستقلين ،وأحزاب موالية تعلن دعمها لرئيس البلاد لتشكيل أغلبية رئاسية.
وردا على سؤال بشأن تصوره للحكومة القادمة، خلال إدلائه بصوته السبت، أجاب تبون بأن “الدستور حددها في حالتين، الأولى في حال فوز أغلبية معارضة أو حكومة يعينها الرئيس في حال فوز أحزاب أو مستقلين موالين له”وزاد: “سنتخذ قرارات تتماشى مع الديمقراطية الحقة في كلتا الحالتين”.
** حكومة رئاسية أم حكومة توافق؟
الأغلبية البرلمانية في الجزائر تعني ضرورة أن تحظى الحكومة بدعم من كتلة أو تحالف نيابي لا يقل عدد نوابه عن 204، بحكم أن التصويت بالثقة عليها يتطلب أغلبية النصف زائد واحد من بين 407 نواب.
والتوصيف السياسي للكتل أو الأحزاب الفائزة بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية الجديدة هي أن أغلبها موالية للنظام الحاكم، باستثناء حركة مجتمع السلم، المحسوبة على المعارضة، مقابل غموض بشأن الميول السياسية للمستقلين.
وسابقا، أبدت أغلب الأحزاب استعدادها للتحالف مع تبون، فيما أكدت حركة مجتمع السلم أنها مستعدة لحكومة توافق، لكن بشروط تتعلق بأهدافها الواضحة في القيام بإصلاحات تكون الحركة عنصرا مهما فيها.
وبالنظر إلى تشكيلة البرلمان الجديدة، فإن تبون أمام خيارات عديدة مريحة سواء بتشكيل حكومة لها دعم من تحالف برلماني يضم جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وجبهة المستقبل وحركة البناء الوطني ومستقلين .
ويعني ذلك تشكيل حكومة محاصصة مع هذه الأحزاب والمستقلين، التي توفرت لها أغلبية برلمانية بأكثر من 300 نائب، فيما تتحول حركة مجتمع السلم إلى تكتل نيابي معارض.
أما الخيار الآخر، فهو الذهاب نحو حكومة توافق وطني بحزام سياسي موسع، يضم حركة مجتمع السلم، في حال وافقت على الدخول في هذا التحالف الرئاسي.