ق.و/وكالات
في خطوة عبثية جديدة لرئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، تم تزوير نتائج سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، الأمر الذي ستترتب عنه تداعيات خطيرة على مستقبل البلاد، على أكثر من مستوى.
أولى هذه التداعيات المحتملة، تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة بعد نحو ثلاثة أشهر، ونسف الاتفاق السياسي الموقع في جنيف وتونس، وانقسام مؤسسات البلاد مجددا، وعلى رأسها مجلس النواب نفسه، وتشكيل حكومة جديدة في الشرق كما سبق وأن هدد عقيلة صالح بذلك مسبقا.
لكن السيناريو الأقل سوءا يتمثل في: إلغاء “سحب الثقة” لعدم حصول النصاب، وعزل عقيلة صالح من رئاسة مجلس النواب، ونقل مقر البرلمان إلى العاصمة طرابلس، حتى لا يكون النواب رهينة في أيدي “أطراف جهوية”، كما يطالب العديد من الناشطين الليبيين.
يعد أيام من إصدار عقيلة صالح، لقانون انتخابات الرئيس، دون مصادقة مجلس النواب عليه، شجعه اعتراف البعثة الأممية ومفوضية الانتخابات والدول الغربية به للقيام بعملية تزوير ثانية شملت هذه المرة سحب الثقة من حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة فحكومة الوحدة التي حصلت على الثقة في مارس الماضي، بعدما حصلت على أكثر من الأغلبية الموصوفة لأعضاء مجلس النواب، والمتمثلة في 120 صوتا (من إجمالي نحو 170 نائبا)، طبقا للاتفاق السياسي، إلا أنه عند سحب الثقة منها، الثلاثاء، تم اعتماد القانون الداخلي لمجلس النواب، والذي ينص على الأغلبية الساحقة (50 بالمائة +1)، أي ما يعادل 86 نائبا.
فإجمالي النواب الذين حضروا جلسة سحب الثقة من الحكومة في مدينة طبرق (شرق) لم يتجاوز 113 أي أقل من 120، التي يحتاجها عقيلة صالح للإطاحة بحكومة الوحدة بشكل قانوني سليم.
ومع ذلك، أعلن المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، عن سحب الثقة بأغلبية 89 نائبا، وهو ما لا يمثل النصاب القانوني لسحب الثقة.
وحتى لو قبلنا جدلا أن سحب الثقة يتم بالأغلبية الساحقة، فإن 38 نائبا ممن حضروا الجلسة وقّعوا بيانا يؤكدون فيه بأنهم صوتوا ضد سحب الثقة من الحكومة، ما يعني أن 75 نائبا على الأكثر صوتوا على سحب الثقة، وهو أقل حتى من الأغلبية الساحقة، التي وضعها عقيلة صالح وجماعته ما يؤكد أن تزويرا فاضحا وقع عند الإعلان عن سحب الثقة من الحكومة يتحمله بالدرجة الأولى عقيلة صالح فالنائب عمار الأبلق، صرح جازما أن “عملية سحب الثقة من الحكومة كانت مزورة بقيادة رئاسة البرلمان، ولم تصل إلى النصاب القانوني”وأشار إلى أن “عدد الحاضرين للجلسة كان 113 نائبا، وأُعلن عن تصويت 89 نائبا لادعاء الوصول إلى النصاب، بينما اتفاق الصخيرات ينص على أن سحب الثقة من الحكومة يحتاج إلى 120 صوتا”.
- ** هل ينقلب السحر على الساحر؟
عبد الحميد الدبيبة، رد على “سحب الثقة” من حكومته، بدعوة الشعب الليبي من جميع المدن بالتظاهر الجمعة بطرابلس ضد هذا القرار وانتشرت على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي هاشتاغات، تدعوا إلى إسقاط مجلس النواب بعد 7 سنوات عجاف من الفشل والإخفاق في إحالة مشروع الدستور على الاستفتاء، وعدم إصدار قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل نزيه وشفاف بينما طالب ناشطون بإسقاط عقيلة صالح من رئاسة مجلس النواب، نظرا لحاجة البلاد إلى البرلمان لإصدار قوانين الانتخابات والتفاهم مع الأطراف الأخرى وخاصة مجلس الدولة على وضع القاعدة الدستورية.
ورغم اعتبار المتحدث باسم مجلس النواب، أن حكومة الدبيبة، أصبحت حكومة تصريف أعمال، بمعنى أنه لا يحق لها التوقيع على اتفاقيات هامة سواء في الداخل أو في الخارج، إلا أن البعثة الأممية أكدت أنها مازالت الحكومة الشرعية في ليبيا.
وحثت البعثة الأممية، مجلس النواب التركيز على استكمال العمل على قانون الانتخابات، وأيضا الإطار الدستوري بالتوافق مع الأطراف الأخرى ذات الصلة، والامتناع عن أي أجراء يقوض العملية الانتخابية ووحدة البلاد واستقرارها.
- قلق من تزايد شعبية الدبيبة
سحب الثقة من حكومة الوحدة، جاء بعد أيام من توقيع الدبيبة اتفاقيات مع مصر، بأكثر من 30 مليار دولار، وقراره فتح أبواب سوق العمل لمليون عامل مصري بداية من أكتوبر فالقاهرة قد تتخلى عن الدعم الكامل لحفتر وصالح، مقابل الانحياز قليلا نحو الدبيبة، لأنه يقدم لها عرضا أكبر بكثير، مما يقترحه عليها ثنائي تحالف الشرق، ما يجعل رغبة حفتر وصالح في إزاحته من رئاسة الحكومة أولوية لا تقبل التأجيل تحت أي ظرف.
كما نجح الدبيبة، في إزالة سوء التفاهم بين بلاده وتونس، وتقرر فتح الحدود بين البلدين، أما زيارته الثالثة إلى مالطا فسمحت باستئناف الرحلات الجوية بين البلدين.
وأعادت عدة دول فتح سفاراتها لدى طرابلس، أو أعلنت قرب فتحها مثل الجزائر، التي اتفق الدبيبة معها على فتح الحدود البرية والقطرة التي أفاضت الكأس بين الدبيبة، وعقيلة، صندوق دعم الزواج، الذي عارضه العديد من النواب، لكنه منح شعبية لرئيس الحكومة في أوساط الشباب، ما جعل الدبيبة يمثل خطرا على حفتر وعقيلة، في حالة قرر الترشح للرئاسة.
شعبية الدبيبة المتزايدة، تهدد مشروع حفتر وعقيلة، للفوز بالرئاسة، خاصة أنه يستعمل سلاح المال الذي يجيده كرجل أعمال، في مواجهة الفشل العسكري والسياسي لقائد مليشيات الشرق ورئيس مجلس نواب طبرق.