بقلم :جمال نصرالله
أهم شيء في هذا الفيلم الذي يبدو قديما نوعا ما 1992.أنه مأخوذ من رواية للكاتبة الفرنسية (مارغريت دوراس) والتي رحلت عنا عام 1996 عن عمر يناهز الـ81سنة وهي من اشتهرت بكتابة القصص القصيرة والكتابات المسرحية…هذا الفيلم المعنون بالعاشق على ما يبدو تجربة شخصية عاشتها الكاتبة شخصيا في مدينة سايغون (الفيتنامية) مع شاب صيني يوم كانت مستعمرة فرنسية
ومن أهم أعمالها على الإطلاق هو رائعتها(هيروشيما حبيبتي و الأغنية الهندية).وفيلم العاشق هذا يطرح كثير من الإشكالات المعاصرة عبر حبكة قصصية متميزة حملت معها السبق التقني في حشر صوت الراوي طيلة أطوار الفيلم .حتى ونحن في البدء صراحة
لم نستسغ تلك المشاهد الإباحية ضمنه إلا أنه في المقابل يزيح الستار عن العديد من المسائل التي يمكن بجد إسقاطها على الواقع العربي. يوم يصير المال النقدي أهم أداة لتسيير أمور الحياة والعيش بعيدا عن أية ضغوطات إجتماعية أخرى؟ا لحظتما تبرز الطبيعة الحية كمكان مقدس للعلاقات الناجحة جسدا وروحا .
لكنه من الجانب النفسي يعري أهمية اللحظة الأولى في أي قصة حب تبدأ في اقتناص تلك اللحظة المتميزة والتي تكون الشجاعة أهم أدواتها .وهذا حقا ما حدث مع بطل الفيلم الذي اغتنم الصدفة واستدرج نحوه فتاة في ريعان الشباب مقبلة على السنة ثانية ثانوي.مستغلا حاجتها للمال من أجل تحسين أوضاعها الاجتماعية.حتى يتمكن من إيقاعها في غرامه والعكس صحيح مع نهاية الفيلم التي كانت صراحة رائعة ومشاهد أكثر رومنسية..يوم يمتزج صوت البيانو مع صوت الباخرة وهي تمخر البحر مخرا في لحظة رحيل دراماتيكية.
الواقع العربي يختلف تماما مع المعطيات والوقائع كما أسلفنا. لكن ـ دعونا نفرز ونمحّص بعض النقاط التي نراها مفيدة. أولا هناك منحى هام أو قل رابط بين الأدب والسينما وهو أن أعمال أدبية كثيرة نجحت كأدب مقرؤ فقط .وأخرى فشلت في ذلك لكنها نجحت سينمائيا.بالمقابل هناك من عملت السينما على الاقتراب منها فشوهتها. رواية العاشق هذه نخالها من الصنف الأول أي يوم يبدع كاتب السيناريو والمخرج معا في جعل الأحداث وزرعها كالورد داخل المزهرية أو باقة واحدة مُزينة بالسلوفانات .وهذا ما فعله المخرج جون جاك أنود. الذي يبدو أنه قرأ الرواية بنهم شديد.
أهمية المكان نجدها كذلك في أكثر من مشهد قياسا على مقولة الشاعر( نقل فؤادك حيثما شئت فمالحب إلا الحبيب الأول) فقط قلنا بأننا نختلف مع المخرج في تلك المشاهد التي تخدش الحياء. وتجعل المشاهد العربي ينفر منها…لكن السرد كان رتبط ارتباطا وثيقا بقصة متكاملة الجوانب ومن حيث المعطيات الواقعية دون تكلف أو تخييل زائد.وهذا ما جعل الفيلم يأخذ مكانة له ومميزة في زمانه وسياقه التاريخي..حيث تعدد الأمكنة والخطاب الأكثر من واقعي ,وأن جدلية المرأة والمال طغت على جل الأحداث حيث دخلت أم البطلة والتي تعمل مدرسة على نفس الخط.بالإضافة إلى مشاهد تدعو حقا إلى التحرر في العلاقات .وهذا ما يمكننا تجاوزه وعدم القبول به داخل ثقافتنا العربية.لأننا لم نترب عليه .ويتنافى وأصولنا ومبادئنا
إذا العلامة الكاملة لصاحبة النص التي أرادت أن تستعيد ذكرى قديمة عاشتها في طفولتها مع شاب صيني يبلغ من العمر 32 سنة وهي في عمرها الـ17 لتظهر لنا أشياء جميلة
حدثت ذات تاريخ ما .ثم في الأخير بعد أن ترحل من تلك القرية الواقعة عل امتداد البحر والأرخبيلات .يتصل بها الحبيب الصيني هذا وهي في عمر تجاوزت فيه السبعين ويصارحها بأنه لازال يحبها رغم زواجه من إحدى السيدات الثريات آنذاك..وقد حاول الزواج بها لكن الأعراف والتقاليد الفيتنامية الصينية منعته وجرمته؟ا ـ وقد صارحها بذلك يومها .لكن رغم ذلك وبعد أزيد من خمسين سنة ظل وفيا ومخلصا للحب الأول الذي بتقديرات ما وحسابات أخرى أنه لم يكن متكافئا من الناحية الاجتماعية .وإنما إشتراه بماله وهو الشاب المنحدر من أسرة أرستقراطية يومها أي بداية القرن العشرين. الشيء الأجمل الآخر هو حركات الكاميرا التي كانت في حد ذاتها لغة تعزف معزوفات منفردة.