
في قرار سيادي غير قابل للإستئناف، أمهلت السلطات بمالي، السفير الفرنسي مدة 72 ساعة لحزم حقائبه ومغادرة ترابها، وبعيدا عن ظروف وأسباب القرار الجريء الذي أخلط حسابات العجوز فرنسا، في منطقة ظل رؤساء فرنسا يعتبرونها “تركة ” استعمارية، بعيدا عن ذلك، فإن صدمة القرار المالي تكمن في كونها سابقة، لم تخطر يوما على بال أحد، والسبب أن علاقة فرنسا بمستعمراتها القديمة، ظلت علاقة أبوة ووصاية ووهم استعماري عنوانه، على أنه لا استغناء لمستعمرات فرنسا القديمة عن الوصاية والأبوة…
مشكلة فرنسا في أفريقيا ومع إفريقيا، أنها لم تقتنع يوما بسيادة القرار الافريقي، فعقلية المستعمر القديم، ظلت هي السائدة في علاقتها بالآخرين، لكن وكما يقال، للصبر حدود وهاهي مالي المنكسرة، وفي عز ضعفها تصفع فرنسا ماكرون وقبلها فرنسا الاستعمارية التي لم تتعلم الدرس ولم تحفظه.
الجميل في الصفعة المالية للغطرسة الفرنسية، أنها تجاوزت مطالب الاعتذار وغيرها من لغة دبلوماسية إلى تصعيد شعاره، أما الكرامة أو قطع العلاقات ومراجعة شاملة لكل الاتفاقيات، والمهم في الصفعة المالية، أن كما فرنسا لم تعد فرنسا، فإن مالي لم تعد مالي وأفريقيا لم تعد افريقيا!