
في الوقت الذي يقضي فيه الرئيس الفرنسي بجبال البيرنيه نهاية عطلة شتوية (متزلجا على الثلج في النهار ومتمتعا بلهيب مدفأة ساحرة في الليل) رفقة رفيقة العمر وأستاذته السابقة بريجيت.
يرتعد في هذه اللحظة ملايين العمال الكادحين والعاطلين عن العمل والمهاجرين غير الشرعيين من برد قارس فرضته أحوال جوية طبيعية ومن برد سياسي غير مسبوق يعد ثمرة وعود انتخابية أوصلت الرئيس الفرنسي الشاب إلى حكم يريده قطيعة تامة وشاملة مع الماضي السياسي الفرنسي البعيد والقريب.
وأكد الرئيس ماكرو عزمه على كسر هذا الماضي قبل أمس لصحيفة “الموندو”الاسبانية التي اختارته رجل السنة بعد أن قال في ميكرو قناة “ال سي اي” الإخبارية الخاصة تحت الثلج أمام مارة شعبيين”: أن لا شيء يصدم في قرارا ت وضع العاطلين عن العمل امام مسؤولياتهم” أسوة بما يتم في البلدان المجاورة التي استطاعت في تقديره أن تحقق نتائج إيجابية في محاربة البطالة وليس من الطبيعي أن تستمر فرنسا في سياسة الوعود الكاذبة ،وأشار ماكرو بهذه الصيغة حسب المراقبين إلى الرئيس فرنسوا هولند متحدثا إلى الصحيفة الإسبانية دون ذكر إسمه. ويجدر الذكر ،أن صحيفة “لو كانار انشينييه”الكاريكاتيرية الشهيرة التي تصدر كل يوم أربعاء هي التي لونت حياة العاطلين عن العمل في نهاية السنة الجارية بالأسود بنشرها تقرير مسرب من وزارة العمل بالشكل الذي يؤكد عزم ماكرو على تنفيذ حربه “على التفنيين “كما يقال عندنا في الأوساط الشعبية أو على أصحاب الأيدي المكسورة، و جاءت صيغ الصرامة القانونية في بنود واضحة يبدأ تنفيذها في مرحلة أولى بتخفيض نسبة علاوات البطالة إلى 20 % عند رفض مقترح استئناف العمل في مرحلة أولى والى 50 في المائة عند رفض الثاني وتؤدي في مرحلة ثالثة وأخيرة في مرحلة ثالثة وأخيرة إلى حرمان البطال المتهاون في البحث عن العمل ومساومة صندوق التأمين على البطالة من حقه في ضمان علاوات البطالة.
وسيتم تنفيذ القوانين الجديدة الخاصة بمحاربة البطالة بحسب الجهة المعنية في مطلع السنة القادمة بعد التأكد من تهاون العاطل عن العمل بسلسلة من الإجراءات التي تؤكد عدم نيته في البحث عن العمل استنادا لسجل دوري يوقعه البطال أثناء رحلة البحث عن العمل . وتم إلى حد الآن التأكد من تهاون نسبة 14 في المائة فقط في البحث عن شغل جديد الأمر الذي دفع بالاشتراكيين والشيوعيين وأنصار حركة فرنسا غير الخاضعة بقيادة جان لوك ميلانشو(يسار اليسار) إلى التنديد بالقوانين الجديدة التي يزعم أصحابها محاربة البطالة ظاهريا وخدمة الباترونا أو أرباب العمل باطنيا وتجسيد خطاب زعيمهم بيار قطاز الذي سبق أن تحدث بنفس لغة الرئيس الفرنسي في شهر أكتوبر الماضي وأثار خطابه وقتها ضجة اعلامية حذر ت من خلالها المعارضة من خضوع الإليزيه إلى أرباب العمل ومن فرضية تحويل بيار قطاز إلى مستشار اجتماعي الرئيس الفرنسي .وقال في هذا السياق المعارض الاشتراكي الشاب هو الآخر بنوا هامو (الذي فاز على غريمه مانويل فالز وانهزم هزيمة نكراء أمام الرئيس الحالي) على حسابه تويتر ردا على خطاب ماكرو أن قوانين محاربة البطالة الجديدة ما هي إلا ضربة لكرامة العاطلين عن العمل الذين سيوظفون لاحقا لتبرير خطاب الحد من البطالة عوض معالجة الأسباب الحقيقية للظاهرة،وسبق لهامو أن ربط بين إستراتيجية ماكرو الشاملة باسم القطيعة السياسية مع العهد الماضي وبين الإهانة التي لحقت بالمهاجرين المقيمين دون أوراق شرعية بعد الشروع في ملاحقتهم بالمراكز الاجتماعية التي تأويهم على مدار فصول السنة وليس في فصل الشتاء فقط، وسوف تكون لنا عودة لملف الهجرة الذي يعد بدخول سياسي ساخن رغم انف الثلوج التي ستستمر في السقوط بعد عودة ماكرو إلى أحضان الإليزيه.