رقعة الاحتجاجات على قانون التقاعد بباريس، خرجت من دائرة المظاهرات العادية إلى المواجهات المفتوحة التي رمت كل التراكمات المؤجلة الى الشارع الفرنسي وذلك بعد أن بلغ الاحتقان الشعبي مداه الذي يهدد فعلا وقولا بانهيار ما كان يسمى استقرارا ليس فرنسيا فقط ولكن أوربيا، وخاصة أن فرنسا هي البوابة لأوروبا..
الغضب الباريسي الذي لا يستبعد أن ننتقل عدواه لكل أوروبا وخاصة أن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بدأت تظهر للعيان على أوروبا كلها، قلنا ذلك الغضب، بقدر ما يثير مخاوف الانهيار الشامل إلا أنه بالمقابل يؤكد هشاشة المنظومة الأوروبية حيث كان يكفي أن تتراجع القدرة الشرائية بأوروبا حتى تتهاوى أسهم الاستقرار الوهمي الذي كانت تروج له الأنظمة الأوروبية وبالذات نظام فرنسا..
مجمل القول، أزمة قانون التقاعد فضحت هشاشة نظام ماكرون في معالجة أزمة تحولت من أزمة اجتماعية لأزمة سياسية تهدد بنهاية ماكرون ومعه فرنسا التي توحي كل المؤشرات أنها دخلت في دوامة من الغضب الشعبي غير المألوف، وأن الأمر لم يعد يتعلق بقانون التقاعد فقط ولكن بالوحش الرأسمالي وبمنظومة التسيير في حد ذاتها.