
احسن خلاص
بعيدا عن رحلة تقصي الحقائق عن خلفيات إشعال الحرائق على أوسع نطاق في منطقة القبائل وجهات أخرى من البلاد وبعيدا عن هول ما كشفه التحقيق وما سيكشفه في قادم الأيام لا يمكن أن نغفل عن حقيقة عميقة ماثلة أمامنا اليوم وهي أن أغلب من مر على شاشة الاعتراف بالجريمة الشنيعة البشعة من مواليد العشرية السوداء. علينا أن ندرك أن المأساة الدموية التي اجتازتها الجزائر لم تنته تأثيراتها عند توقفها في الزمن، إذ لا نزال نعيش آثارها الى اليوم. لقد نشأ في حين غفلة من المجتمع جيل أكثر مأساوية من الأجيال التي سبقته، جيل رضع واقتات من رحم الأزمات المفتعلة بين أبناء المجتمع الواحد. جيل وجدت فيه حركات ردة وتطرف من كل الأطياف المجال الخصب لتزرع فيه كل بذور الكراهية والحقد. في بداية الألفية وقع ما يشبه الهدنة بين إيديولوجية دينية متطرفة وأخرى بربرية علمانية لا تقل عنها تطرفا لتفسح المجال لحرب نفسية رهيبة ظل أهل العقل في هذا البلد يتابعون انتشار لهيبها منذ أحداث منطقة القبائل عام 2001 وهم يعلمون أنها لن تؤدي هذه المرة إلى مأساة دموية لا تزال آثارها ماثلة إلى اليوم بل إلى دمار شامل للمجتمع وتهديد بالنسف الكامل للدولة الوطنية التي افتكها المجاهدون بتضحيات 130 سنة من المقاومة والكفاح وعززتها جهود أجيال قاومت بإرادة للحفاظ على استقلالها وسيادتها. الذين دبروا وحرضوا على تنفيذ السلوكات النتنة التي شهدناها بتلك الشدة وذلك الكم من الكراهية يعلمون أن الأرض صارت اليوم خصبة وقد بلغ الجيل المولود في التسعينيات أشده واستوى وقد آتوه حقدا وكراهية وعنصرية وجهوية. جيل ابتعد عن تاريخه الوطني وانغرس في ثقافة الانتقام من عدو وهمي نشأ في المخابر تقع هناك وراء البحار.