أقلامالأولى

هل هو قِلة ثقافة أم قلة إيمان؟ا

بقلم: جمال نصرالله

 

يكاد للتجارة في الجزائر أن تصير هي المعيار التقييمي لثقافة الناس .فمن خلالها يستطيع المرء أن يضبط ويحدد حجم ومستوى التعاملات ومنابعها وكذا منطلقاتها وصولا طبعا إلى نتائجها السلبية والوخيمة.. وبتعبير آخر هي ترمومتر المجتمع ،وإن أردت مثالا آخر قلت بأن السوق هي الحقل الجامع لكل أنواع وأصناف المضاربات سلبا وإيجابا،وهذا بحجة أن القفة كدلالة ورمز دائما وأبدا تعطينا الوجه الحقيقي لسلوكات وذهنية المواطن؟ا في حركيته ولهفه وسكونه وحتى في لغة تفكيره لأنها واسطة بين البيت والسوق(الداخل والخارج)؟ا وصولا عن أنها الوقود الرئيسي والضروري للبطون قبل العقول .

نحن مقبلون على الشهر الفضيل سوف تنكشف عدة أمور..لا لشيء سوى أنه يحوي اليوميات التي هي عبارة عن محك وامتحان جارومتسارع للنفوس ،والأفئدة حيث تُلجِم الكثير من الشهوات والمغريات.وبالمقابل تدفع وتجعل النزعات والأفكار الباطنية مرات ظاهرة للسطح ومرات ساكنة هادئة ؟ا في الجهة الأخرى أي الطرف المقابل تجد فئة التجار وليس كل التجار طبعا بل بالأحرى أغلبهم والذين والله أعلم بذلك يستغلون هذه الأمور كلها كي يعبثوا بالأسعار كما يشاؤو ن،متحايلين على القوانين الردعية وحتى الثقافة التجارية وآلياتها كفرق مراقبة الأسعار والمتابعات…فما بالك برقابة الضمير إن كان حيا وموجودا مجسّما ؟ا

فيستحيل أن تجد أسعارا متقاربة ليس فقط بين مدينة وأخرى بل وصل الأمر بين طاولة وأخرى…وهذا كله نتيجة أن لكل تاجر عذرا يتخفى تحته ويتستر به..وأهمها أنه حتى داخل مراكز الشراء  يتعذرون بأنها لا توجد أسعار ثابتة.. ويقصد به  أسواق الجملة التي هي الأخرى تعيد السبب لوجود مضاربين.يقفون بين حقل الفلاح أي منبع الخضر مثلا وبين ناقلها وموصلها إلى هذه المراكز التي يتردد عليها هؤلاء الباعة الكبار..وانطلاقا من هذا المثال  فأنت يجب أن تقيسه  تقريبا على جميع المواد الأخرى كاللحوم البيضاء والحمراء بمختلف أشكالها وألوانها وصولا إلى الثروة السمكية…وقد يُطرح سؤال  هام  هنا لماذا هذه الظاهرة  لا نلحظها ولا تبرز إلا خلال هذا الشهر الكريم بيد أنها أخف ضررا بكثير في الشهور الأخرى . لماذا يا ترى ؟ا وقد كان بمكان أن يكون الشهر الأكثر تقاربا بين الناس  بين مودة ورحمة ،وأنه مثلما يأتي بكراماته السماوية. كما أثبتت تجاربنا الحياتية.من المفروض أن تكون هناك كرامات بشرية بين الفرد وأخيه مهما كان مقامه ورتبته،فهل هو مطلوب من كل تاجر أن يكون مثقفا واعيا متفهما لمقاصد هذا الشهر ليعمل بها وأن عليه أن يتحلى بقليل من الإيمان

 

ويضع نصب عينيه أن المال الحلال يجب أن يكون مطهرا بالتقوى النابعة من القلوب الصافية النقية…حتى لا نقول التقية…وقد أثبتت كثير من الحالات التي هي في آخر المطاف عِبرُ حدثت في الماضي لتكون دروسا مفيدة ..عن عشرات البارونات والسماسرة الكبار الذين مضوا في هذه السبيل بلا رجعة أو حياء وأخلاق تجارية .فوجدوا أنفسهم..نادمين يترجوّن..بل يتضرعون للسماء لأجل أن تنقذهم من هذه المصيبة أو تلك …ومنهم كذلك من كان يطلب أن يعود لنقطة الصفر ..ولكن للأسف ..سبق السيف العذل كما يقال.

إذا ما الذي تبقى للإنسان الجزائري يوم يُصدم ويلدغ مرة أخرى داخل السوق التي تُعتبر بورصة حقيقية للواقع اليومي.بعد أن لُدغ في الإدارة  بمختلف مصالحها وفي الصحة وفي التربية والرياضة وفي المصنع والشركة ..كل هذا حدث حتى وصلت الأمور إلى قوّته اليومي وغدا لا نعلم مكمن اللدغ أين سيكون ؟ا فقط نعلم بأن الجوانب الأخلاقية إن حدث وأن غابت عن مناحي الحياة.فلا خير أمة اختارت لسبيلها هذه المخارج التي طبعا لا تُحسد عليها.وإنما وجب تقويمها وشحذها وتحذيقها بما يتناسب.والآداب العامة التي هي في الأخير خلاصة كل التجارب البشرية..وصراحة نحن في مرحلة كان من المفروض أن نفكر في أشياء أخرى.وليس فقط نشغل طاقتنا في أمور ثانوية وهامشية…أي مواد هي من صلب الطبيعة والإنتاج اللذين نتحكم فيهما نحن بعقولنا وليس العكس ؟ا أما الإنسان الذي لا يطبق القيم والمبادىء التي تعلم وتربى في كنفها فإن أهم صفة تطلق عليه هي خيانة الأمانة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى