إن مجرد فكرة الزعم بوجود دين الآن هو دين إبراهيم يجتمع تحته المسلم واليهودي والنصراني، هو نوع من خلط المفاهيم، ومن ممارسة الضلال والإضلال. النصرانية واليهودية شرائع سماوية نسخت برسالة الإسلام كما جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم. وهي رسالة لا تساوي بين المسلم الحق واليهودي والنصراني عقديًّا، وكلاهما ليس على شيء بنص الكتاب: (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب). وقال العلماء في التفسير هذا أصدق ما قالته اليهود والنصارى في شأن بعضهم بعضًا!
فهل يجوز بعد صريح القرآن أن يزعم من يزعم أن الدين الإبراهيمي يجمع الثلاثة، وصريح القرآن يقول (ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولكن كان حنيفًا مسلمًا). بعض من يزعمون هذه الأباطيل يخلطون بين الدين والسياسة، ويجعلون السياسة حكمًا على الدين، من أجل أهداف سياسية ومصالح دنيوية، وهم في هذا العمل يضلون ويضِلون، ولو صدقوا مع الله ومع أنفسهم لابتعدوا عن هذا الخلط الذي يصل إلى حد الشرك، وتعطيل هيمنة الرسالة الخاتمة.
الإسلام كفل لليهودي والنصراني حرية العقيدة والعبادة، وحفظ لهم أموالهم وأنفسهم وأعراضهم، ولكن دون مداهنة وتجديف، أو اتخاذ دين إبراهيم عليه السلام وسيلة لخلط الأوراق.
إن إقامة أفضل البنايات في العالم وتحت قبابها مسجد وكنيسة وكنيس لا يعطي تذكرة عقيدة صحيحة لمن يساوي بين عقائد هذا المثلث ويزعم أخوة المسلم واليهودي والنصراني في العقيدة بداعي أبوة إبراهيم عليه السلام للأنبياء. إبراهيم وسائر الأنبياء بعده لا يرضون بهذا الخلط السياسي الفاجر! والله سبحانه لا يرضى من مسلم هذا الخلط والتزوير والمداهنة. إن إحياء دين إبراهيم عليه السلام لمزاحمة دين محمد صلى الله عليه وسلم، وتسهيل عمل الأساطير اليهودية، هو محاولة خبيثة لطمس آيات محكمات من القرآن في هذا الصدد، وتميع متعمد لمفاهيم الجيل الحديث من أبناء المسلمين. إنها دعوة احتلال للدين كما الصهيونية احتلال للأرض!
يوسف رزقة