
كشف وزير الخارجية الصحراوي محمد سالم ولد السالك، أمس، أن الطرف الصحراوي لن يسمح من الآن فصاعدا تكرار التجربة المرة والمؤلمة التي دامت لثلاثة عقود من انتظار تنظيم استفتاء شعبي يمكنها من تقرير مصيرها والاستقلال، والتي سادها حسبه الدوس على عقيدة الأمم المتحدة، فيما يتعلق بقضايا تصفية الاستعمار والتنكر لالتزاماتها وقراراتها، مؤكدا بالمناسبة، إن الدولة الصحراوية تطالب بأخذ مقعدها في الأمم المتحدة، ما دام المغرب يعرقل الاستفتاء لتأكده من إجماع الشعب الصحراوي حول حقه في الاستقلال والسيادة على وطنه وأرض أجداده.
وهنا جدد وزير الخارجية الصحراوي خلال ندوة صحفية نشطها في مقر السفارة الصحراوية في الجرائر بالعاصمة، جاهزيتهم التامة لدعم مجهودات الأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء الاحتلال المغربي اللا شرعي، للمساهمة الجدية في إحلال السلام العادل والنهائي، تماشيا مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها، ومع مقتضيات الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، معربا في ذات السياق، عن استعدادهم للتعاون مع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي من أجل البدء في تطبيق قراره الأخير، وقرارات القمة الاستثنائية حول إسكات البنادق، والتي تستدعي حسبه ضرورة التصدي بحزم إلى العدوان المغربي، وفرض على المملكة المغربية الالتزام بمقتضيات القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، ومنعها من خلق مناخ من الانقسام وعدم الانسجام خدمة لمصالح أجنبية لا ترى بعين الرضى لهذه المنظمة القارية، التي لا تريد منها أن تكون موحدة و مسؤولة، قادرة على التحدث بصوت واحد مع جميع الشركاء.
خيانة إسبانيا لنا جعلها اليوم فريسة سهلة للابتزاز المغربي المتواصل
وفيما يتعلق بدور الإسبان في تأزم الوضع الصحراوي، قال الوزير، إن تهرب إسبانيا من مسؤوليتها القانونية والسياسية والأخلاقية، باعتبارها قانونيا القوة المديرة إلى حد الآن، وخيانتها للشعب الصحراوي جعلها اليوم فريسة سهلة للابتزاز المغربي المتواصل، والتهديد المستمر بالإرهاب والهجرة السرية والمخدرات وحتى بالتوسع، معتبرا بالمناسبة، إن الروابط التاريخية التي تربط الشعب الصحراوي مع هذه الأخيرة، وكذا المصالح الجيو-ستراتيجية الاسبانية تفرض على هذه الأخيرة استعمال كل وزنها وعلاقاتها الجهوية والدولية للدفاع عن الجمهورية الصحراوية، وعن وحدتها الترابية وسلامة شعبها وسيادته على وطنه.
كما أشار ذات المسؤول، في هذا السياق، أن إسبانيا كما يقول المستشار القانوني للأمم المتحدة، أن مازالت طرفا مباشر ولو أنها تنكرت لذلك، لافتا أن ما يجري وما جرى لحد الساعة في بلادنا تتحمل اسبانيا مسؤولية كبيرة منه.
هناك 270 منظمة تطوعت لمعاينة حقوق الإنسان بقيت “دون رد”
حيث أضاف نفس المصدر، أن تعامل الجمهورية الصحراوية بمرونة مع الوضع خلال 30 سنة الماضية، قد انتهى وهي اليوم تريد أن يتم تطبيق قرارات الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، ويتم إدانة المغرب خاصة أن طول المدة حسبه يكشف أن هناك تواطؤ خطير و متجذر بين هذه الأطراف التي تزعم أنها لم تتمكن من تنظيم استفتاء تقرير المصير، بحجة انه لا يوجد تأييد شعبي لهذا المسعى، في إشارة منه أن هذه المزاعم خاطئة ومزيفة، تسعى لتضليل الرأي العام الدولي لا غير، وأكبر دليل على هذا أن البطلة سلطانة خير وعائلتها أصبحت محاصرة في بيتها وتمنع من الدخول أو الخروج، بسبب نشاطها النضالي وأسلوبها المتميز في إيصال معاناة الشعب الصحراوي إلى العالم، معاقبة دون وجه حق بقانون مغربي محتل لا شرعية له أقل ما يقال عنه أنه قانون الغاب، لافتا أن هناك 270 منظمة تطوعت لمعاينة حقوق الإنسان، وفي كل مرة المفوضية تعد بإرسال بعثة أممية لمعاينة حقوق الإنسان المتدهورة عندنا، ما يكشف لنا في كل مرة أنها تعمل بازدواجية المعايير، في إطار تواطؤ مكشوف لتحقيق مصالح خارجية، لأن المخزن بكل الدلائل مدان، لكن مع هذا هناك صمت مطبق على جرائمه ، وأتحدى المغرب أن يترك أي منظمة أو بعثة ترسل للأراضي المحتلة نظرا لبشاعة الجرائم المرتكبة في حق شعبنا ووجود إجماع تام على الاستقلال.
العرقلة الفرنسية وراء استحالة تطبيق الاتفاق الصحراوي المغربي في موعده
أما بخصوص التأييد الفرنسي للاحتلال المغربي، أفصح محمد سالم ولد السالك، أنه كان وراء استحالة تطبيق الاتفاق الصحراوي المغربي في موعده منذ ثلاثين سنة، على اعتبار أنه لولا العرقلة الفرنسية لكانت المينورسو قد تكفلت بمراقبة حقوق الإنسان للتخفيف على الأقل من معاناة الصحراويين في الأراضي المحتلة معرضين لأبشع أساليب وأنواع القمع والتعذيب الوحشي، كما هو الحال بالنسبة لوضعية الأسرى المدنيين في السجون المغربية، وعلى العديد من الأسر الصحراوية كحال عائلة أهل خيا وأهل هدي، قبل أن يضيف أنه لولا العرقلة الفرنسية لكانت قرارات محكمة العدل الأوروبية قد تم تنفيذها من طرف الاتحاد الأوروبي لوقف نهب وسرقة الثروات الطبيعية الصحراوية، متابعا: أنه لقد آن الأوان أن تلعب فرنسا الدور المنتظر منها، كبلد له علاقات تاريخية مع جميع شعوب وبلدان المنطقة من خلال الكف عن التأييد الأعمى للعدوان المغربي، عبر فرض احترام الحدود التي كانت هي من سطرها، للمساهمة حقيقة في استتباب السلام والاستقرار في شمال غرب إفريقيا اللذين بدونهما لا يمكن الحديث عن التعاون والتنمية والاندماج الاقتصادي أو السياسي، هذا قبل أن يتطرق أن فرنسا التي تدعي أنها بلد الحرية، لو كانت صادقة لتكفلت بمراقبة حقوق الإنسان، لكنها لم ولن تفعل لأنها تعلم حقيقة أن مراقبتها ستثبت أن المحتل المغربي يقوم بجرائم بشعة ومجمع إجماعا تام على تقرير مصيره.
هذا ما ينتظره الشعب الصحراوي من الإدارة الأمريكية الجديدة
في سياق مغاير، أوضح وزير الخارجية الصحراوي، أن شعبه ينتظر من الإدارة الأمريكية الجديدة إلغاء الجريمة النكراء التي ارتكبها ترامب قبيل مغادرته للبيت الأبيض نتيجة لخرقها لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ، وقرار محكمة العدل الدولية، ولتعارضها مع الدور المن‘ط بالولايات المتحدة الأمريكية، من منطلق أن الجمهورية الصحراوية مستعدة للسلام مع جارتها من الشمال المملكة المغربية على أساس احترام الحدود الدولية الموجودة بينهما، وذلك لن يتأتى حسبه إلا بإنهاء الاحتلال وانسحاب القوات المغربية الغازية من ترابنا الوطني، وعدولها نهائيا عن سياسة التوسع والعدوان ضد الشعب الصحراوي، مدينة بالمناسبة سياسة المحتل المغربي الرامية إلى ضم بلد مجاور بالقوة واختزاله من الخارطة العالمية وتقتيل شعبه وتشريده ونهب ثرواته وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في حقه.
الجزائر لطالما كانت مساندة لكل القضايا العادلة في العالم
من جانب آخر، كشف وزير الخارجية الصحراوي، أن هناك من يريد جعل الجزائر طرف في النزاع الصحراوي بمجرد مساندتها للقضية الصحراوية، في حين هي في الحقيقة تساند كل القضايا العادلة في العالم، والتي تدخل في إطار مبادئها الدبلوماسية الثابتة في حق كل شعب في تقرير مصيره، والتي أقرتها جل المواثيق الدولية، مشيرا أنه لن يسمح بتكرار نفس التجربة المؤلمة التي عايشها الشعب الصحراوي طوال ثلاثين سنة الماضية، لأن العمل العسكري هو الوحيد من أجبر الملك المغربي على الاعتراف بالثورة الصحراوية وليس شيء آخر.
وتابع نفس المتحدث، أن الاستفتاء الشعبي استعمل لتجميد أي تطور في القضية الصحراوية، رغم أن العالم كله يعلم أن المغرب حصل على وقف إطلاق النار منذ ثلاثين سنة مقابل تنظيم استفتاء شعبي، والبديل الذي نطالب به كمقابل لعرقلة الاستفتاء طوال هذه المدة، ليس الحكم الذاتي كما يزعم ويريد المخزن المغربي، بل البديل هو الاعتراف الدولي بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، والحصول على مقعدها في الأمم المتحدة.
في الأخير، طالب محمد سالم ولد السالك، وزير الخارجية الصحراوي، الذي أعرب أن هذه الندوة الصحفية المنعقدة، ستكون آخر ندوة يحضرها، قبل الاجتماع المزمع انعقاده قريبا، جميع دول العالم أن تمنع استعمال الأراضي الصحراوية كمنطقة حرب، موضحا أن هناك تناقض تام ومريب مع الشرعية الدولية في الوقت التي تتدخل بالقوة لدخول دول ذات سيادة بحجة إحقاق الديمقراطية، تمنع الشعب الصحراوي من تنظيم استفتاء شعبي ديمقراطي، يمكنه من تقرير مصيره والاستقلال على غرار باقي بلدان المعمورة.
مريم خميسة