
بقلم :الوليد فرج
في الوقت الذي كنا نبحث فيه عن سر الغياب الغير مبرر لوزارة الثقافة ، رغم دورها الحساس في المشاركة في إدارة هذه الأزمة الحساسة المعقدة ، تخرج علينا وزيرة الثقافة بقفازات وقائية ، ضاربة بذلك توصيات زميلها على لسان الناطقة باسمه ، بعدم ضرورة وضع القفازات ، والاكتفاء بالتطهير والتعقيم ، ويا ليت كانت القفازات النادرة كسلعة في السوق اليوم ، هي الرسالة الثقافية الوحيدة التي أرسلتها الوزيرة ، بل خرجت علينا بفكرة لم يسبقها اليها وزير ثقافة عبر العالم ، مفادها التفكير في مهرجانات عبر الواب ، بمناسبة تفشي وباء كورونا عبر العالم ، و دخوله إلينا غير مرحب به ، عسى الرقص في زمن كورونا يخفف عنا وطأة هذا الفيروس الفتّاك . في مقتطف لا يتعدى نصف دقيقة من تصريح ذات الوزيرة ، استعملت حرف (ربما) أربعة مرات ، للحفاظ على خط التراجع عن تصريحها فعند النحاة تبقى ربما كافة و مكفوفة . ليبقى تناقض تصريحات ، هذه الوزيرة نغمة تقليدية فهي التي همزت قناة زميلها السابق في أول تصريح لها بمناسبة تسلمها لمهامها النبيلة قائلة : الثقافة ليست مهرجانات . لتتحول المهرجانات بقدرة قادر إلى أداة وفعل ثقافي في زمن الداء القاتل. نبحث من خلالها عن سبل الوقاية الصحية باعتبار الصحة قيمة مشتركة والظرف المعقد الذي نعيشه يستدعي تكاثف الجهود من أجل تجذير وإرساء معتقدات ثقافية صحية ، من خلال استشعار أهمية الفرد و المجتمع في بث روح التضامن و الوقاية و الخروج بالمساواة في خدمة عمومية صحية من الصوامع البيروقراطية الى ارض الواقع ، التي تتطلب اليوم قبل اي وقت بذل المزيد من الجهد و الوقت بالاشتراك المثمر لكل الطاقات الثقافية للتصدي لهذا الفيروس و غيره من الامراض التي تنخر جسد المجتمع الجزائري . لعل السيدة الوزيرة و طاقم مستشاريها الدائر بها ، لم يطلعوا على خبر ربع مليون قتيل عبر المعمورة ، بلغ بايطاليا وحدها إحياء ثقافة نيرون في الحرق ، حيث لم يمهلها فيروس كورونا بدفن موتاها ، فراحت تحرق جثث الضحايا دون وداع . ان الثقافة المؤسسية تلعب دور مهم في التصدي لمثل هذه الأزمات ، لا سيما بتحديد الممارسات التي من شأنها ان تصب في تقويه مناعة المجتمع في التصدي لكورونا . بيد ان تصريح الوزيرة الذي صدمنا و مسح من أذهاننا أمل الطموح الذي بنيناه على خلفيتها المعرفية ، و المتمثل في تطوير منهج و استحداث أدوات استراتيجية ثقافية يستفيد منها كل مهتم بالعمل في إطار عمل ثقافة الصحة ، لا سيما في هذا الظرف المعقد . لتبقى ثقافتنا اليوم هي البقاء في بيوتنا انجع ثقافة ونجزم باننا سوف نكف الاذى عن انفسنا وعن غيرنا ، مع مطالبة الوزيرة بان تكف عنا مهرجانتها ، وتبقى مع (الربما) الكافة و المكفوفة عنا و تدعنا نتفرغ لمحاربة هذا الفيروس ، ونعدها بأننا سوف نرقص و نغني جميعا عند انتصارنا . يا الصحة ويا الصحة ويا عدوة مولاها .