أقلام

وقفة مع الشاعر عبد الحميد بوشباط

و أنا اقلب صفحات جريدة – النصر – القديمة، صادفني حوار أدبي مرصع بصورة لشاعر عرفته من خلال إنتاجه الأدبي المتنوع من قصة قصيرة و شعر و دراسات نقدية على صفحات جريدة النصر التي نشر بها سنة 1981 أول قصيدة حملت عنوان ( فصول من الوجع القهري) ،كما كان يزورنا لحضور المهرجان الشعري محمد العيد آل خليفة بمدينة بسكرة و يشارك في أمسياته في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، و كان مشتلة لتشجيع المواهب الشابة ،و ربما التقيت به في مهرجان الشعر الطلابي للرئيس هواري بومدين الذي كانت تنظمه لجنة الخدمات الجامعية بقسنطينة سنتي 1979 و 1980 و حضره مجموعة من شعراء جيله الشباب منهم :الراحل شريف شناتلية و أحمد عاشوري و الطيب طواهرية و حسن خراط و سالمي توفيق و نوار بوحلاسة و غيرهم ،و قد شاركت في طبعته الأولى بدعوة كريمة من الشاعر الراحل الأخضر عيكوس ،أو كان حافزا على خروجه من بوتقة الخوف و يتشجع على نشر نتاجه.. غير أن اسمه للأسف الشديد غاب عن الساحة الأدبية منذ أواخر الثمانينات، و لم نعد نطالع كتاباته من خلال النشر في الجرائد و المجلات أو حتى الحضور في الملتقيات الثقافية و المهرجانات الشعرية ببلادنا، و لا أعرف السبب الحقيقي لهذا الغياب.. هل هي أسباب ذاتية تعود للإحباط من تردي الوضع الثقافي على العموم ،و التجاهل من طرف المسؤولين على قطاع الثقافة لكل اسم طموح يحاول تجاوز خطواته ،و نكران الجميل من المقربين ،أو لأسباب إدارية اهمها العمل الروتيني الذي لا يسمح للمبدع من اكتشاف عالمه الجميل و الانفجار إبداعيا من جديد ،أم لقناعته الفكرية أن عصر الأدب و المقروئية قد ولى بالحضور القوي لوسائل التثقيف الحديثة ،مع انحسار جمهور القراء ..إنه الشاعر و القاص عبد الحميد بوشباط ابن مدينة الميلية من ولاية جيجل الذي لا تزال صورته مرسومة في ذاكرتي بملامحها الطفولية ،و بسمته الخجولة ،و صمته الجميل الذي يحمل في الأعماق صور المحبة و الوفاء و البراءة مع الحزن العميق ،انه شاعر يذرف دموعه على الحروف، بصراحة إنه الشاعر البهي و الوسيم في ذلك الزمن الخصب وسط الكوكبة من أصدقاء الكلمة كأشعاره الرقيقة الجميلة التي تميزت بالبساطة و الوضوح و العمق في تحليل القضايا المطروحة حول الوطن و الحب و الأم و فلسطين ،و إن كان لا ينكر تأثره الواضح بأسلوب نزار قباني و محمود درويش و سميح القاسم .
يقول عن نفسه ( إنه صوت ينبض بالألم و الرفض ،و سهم ينطلق في كل اتجاه بحثا عن مكان تحت الشمس لجمع الشمل) ، ولد مع انطلاق شرارة الثورة التحريرية و بالضبط يوم 06 نوفمبر 1954 بقرية أولاد عنان – الميلية – حيث ترعرع على أنغام الرصاص و القنابل، بعد الاستقلال انتقل إلى الميلية و تشاء الأقدار أن يحرم من العيش في بيت والده الشهيد و جده ليعيش في تيارات جارفة و في ظروف اجتماعية قاهرة ، دخل المدرسة الابتدائية و عمره تسع سنوات ،و بعد نهاية التعليم المتوسط و لظروفه الاجتماعية القاسية لم يواصل تعليمه الثانوي ،و التحق بمعهد تكوين المعلمين بقسنطينة ،و منه تخرج سنة 1974 ،لينتسب إلى سلك التعليم لا إراديا ،و لأن طموحه كان أكبر واصل الدراسة عن طريق المراسلة ،و عمل في ثانوية هواري بومدين بالميلية .
ذكرى الماضي شجعتني على مواصلة البحث عن أعماله المنشورة في الجريدة ،و قد عثرت على بعضها ،و لو واصلت العملية في جرائد و مجلات أخرى لتجمعت لدينا أغلب نصوصه ،و بتبويبها يمكن استخراج عدة كتب في أجناس أدبية متعددة ، و اعترف أنني لم أطالع للكاتب عبد الحميد بوشباط كتابا مطبوعا إلى حد الساعة رغم غزاره إنتاجه ،و يبدو أن عامي 1985 و 1986 تعتبران من أخصب مراحل عمره عطاء ناضجا ..و علمت مؤخرا أنه غادر مدينة الميلية سنة 1987 ،و استقر بمدينة سكيكدة كإطار بمديرية التربية ،كما غادرتها قبله أسماء معروفة لظروف اجتماعية أو لمواصلة الدراسة في قسنطينة و الجزائر و سكيكدة .. فهل هو الإجحاف في حق أدبائنا أن لا نجد له أثرا في المهرجانات المقامة بولاية سكيكدة التي أنجبت الأدباء : محمد بوشحيط و عمار زايد و مصطفى نطور و مالك بوذيبة و …..،و لماذا هذا الصمت حول اسمه في الساحة الثقافية و الإعلامية بالجزائر ، فحتى و إن ابتعد شاعرنا القدير إراديا عن الأضواء الكاشفة ،فالأجدر بمن عرفه قاصا و شاعرا من أصدقاء الكلمة التنويه به ،و بنتاجه الأدبي و تكريمه في مناسبة رسمية خاصة و انه ابن شهيد ،مع دعوته إلى حضور النشاطات المقامة حتى نثبت حقيقة فكرة التواصل بين الأجيال ،و التعريف برموزنا الفاعلة بتلاقح الأفكار و إثرائها . مع الاهتمام بكتاباته المختلفة بدعوة طلبة معهد الآداب و اللغة العربية بالجامعات الجزائرية لتناولها بالدراسة و التحليل النقدي في رسائل التخرج .
كان الكاتب عبد الحميد بوشباط يعد ركنا لجريدة النصر تحت عنوان (نوافذ على الأدب ) نشر فيه مجموعة من الدراسات منها :
– بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) شاعر الطموح و الشباب.
– صور نضالية في شعر محمود درويش.
– البساطة في اللغة سر النجاح.
– صوت إفريقيا في شعر محمد الفيتوري .
– الرمزية في الشعر الحديث بين المصطلحات و المفاهيم .
– بحيرة الزيتون للدكتور أبي العيد دودو.
– قراءة سريعة في ديوان( راهبة في ديرها الحزين) لنادية نواصر.
– احاديث و اعترافات روائيين عالميين .
و من عناوين قصائده الشعرية :
– عتاب البحر
– أعاصير في قلب متعب.
– غلطة العمر.
– إذا غنى الشتاء.
– رسالة عاجلة.
– شجون أزهار القمح .
كما كتب القصة القصيرة و من عناوينها :
– أحلام ظامئة.
– أمواج المدينة الفاضلة.
– الأرض و التي نشرتها مجلة – الوحدة بالعدد رقم 244 الصادر في 30 جانفي 1986 في صفحتين كاملتين

بقلم:الأخضر رحموني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى