أقلام

وقفة مع حدث.. لماذا اغتالت حكومة الكيان الشيخ العاروري ‪ ‬‬

اغتيال شخصية سياسية وعسكرية بحجم صالح العاروري تعد بمثابة أكبر إنجاز يغطي فشل المؤسسة الأمنية الصهيونية التي فشلت في توفير التحذيرات للقيادة السياسية والعسكرية بخصوص عملية طوفان الأقصى وهذا ما جعل حكومة نتانياهو ترى بأن العاروري هو الخطر الذي يهدد أمن الكيان الصهيوني خارج الحدود فعملية اغتيال العاروري لها عدة أهداف ورسائل وأهدافها هي كالتالي
اغتيال العاروري يهدف الى تشتيت الرأي العام العربي والفلسطيني المؤيد للمقاومة وكذلك يهدف الى تفكيك مشروع الوحدة الوطنية الفلسطينية حيث أن الشهيد كان يتبنى طرح وحدوي في حل مشكلة المصالحة الوطنية الفلسطينية ومن بين الأهداف كذلك هو إضعاف حزب الله أمام انصاره و إظهار مدى فشله في حماية حلفائه وتظهره كذلك فاشل أما إيران التي تراهن عليه في محور المقاومة الشيعي وما يمكن قوله في هذا السياق هو أن عملية الإغتيال تعبر عن مدى فشل الكيان الصهيوني في تحقيق مكاسب عسكرية وفق ضربات عسكرية وهذا ما جعلها تتخبط في خسائرها ذلك أن الغطاء الدولي الداعم لها أصبح يتلاشى.
الهدف الرئيس من اغتيال العاروري هو أنه تمكن من تفعيل نظرية وحدة الساحات وتوحيد المقاومة وفصائلها ولكن السبب الأهم هو نجاحه في زرع خلايا المقاومة في الضفة الغربية خاصة ان اليمين المتطرف يرى بأن عمق إسرائيل التاريخية هي الضفة الغربية وليس القدس و الشهيد تفطن لهذا المشروع وعمل على تحريك ساحة المقاومة في الضفة .
الكيان الصهيوني كان متيقن بأن صالح العاروري هو مهندس عملية طوفان الأقصى ولأسباب إستراتيجية تحولت الى حرب استباقية حيث كانت حكومة نتانياهو تريد تفكيك السلطة الفلسطينية والعمل على إحداث تغيير ديموغرافي يكمن في تهجير سكان غزة ولكن الهدف الآخر العملية هو توسيع رقعة الحرب إقليميا و الحصول على شرعية الدعم الأمريكي والغربي واعادة سيناريو حرب 73 وكان العاروري يدرك بأن الكيان الصهيوني سيفشل في مواجهة المقاومة التي عرفت تحول جوهري من حيث التوجه الإستراتيجي و التسلح وبناء العلاقات مع القوى الإقليمية وخاصة إيران التي عرفت العلاقة معها نوع من الفتور بسبب الأزمة السورية وموقف حماس من النظام السوري .
اغتيال العاروري لا يخدم فقط مصالح الكيان الصهيوني بل ستكون هذه الجريمة بمثابة بصيص أمل للدول المطبعة والتي تتوهم بأن القضاء على شخص بقوة وكاريزما العاروري سيضعف المقاومة ما يمكن قوله بأن المقاومة هي مشروع سياسي يؤمن بوحدة المجتمع الفلسطيني ويعتبر التفكير من جديد في القضية الفلسطينية هو أكبر مكسب سياسي للمقاومة حيث ستتمكن من الجلوس في طاولة المفاوضات بعدة أوراق رابحة من بينها ورقة الأسرى و إلغاء التنسيق الأمني مع السلطة وطرح أسماء لها وزن و تؤثر في مسار القضية الفلسطينية التي تعرضت للنسيان.
صالح العاروري لم يكن مجرد قيادي له كاريزما دينية و سياسية بل كان قيادي له قدرة على التنبؤ واستشراف المستقبل بحكم قدراته في التحليل الاستراتيجي و فهمه الجيد للنظام الصهيوني بشقيه اليميني واليساري وهو كان يراهن على الضفة الغربية التي تحوي أكثر من 3 ملايين فلسطيني تعتبر خط تماس مع المستوطنات الغير شرعية وهذا ما جعل حكومة نتانياهو تسوق للرأي العام الصهيوني بأن العاروري هو مصدر خطر يهدد أمن الكيان وكذلك كانت متخوفة في قدرته على التواصل مع حكومة السلطة الفلسطينية وكانت له تنازلات سمحت بتقدم مسار الحوار الوطني الفلسطيني .
ما يمكن استخلاصه في هذه النقطة هو أن اغتيال العاروري سيسبب حرجا لحزب الله ولمحور المقاومة لكن السبب الرئيسي في التركيز على الشهيد صالح العاروري هو أن اغتياله هو مجرد تضليل للرأي العام الصهيوني الذي سيدخل في نفق حرب أهلية بسبب هيمنة النزعة الدينية والتاريخية على الحكومة وكذلك بسبب التفاضل العرقي بين اليهود الشرقيين و الغربيين لذلك الشهيد العاروري لم يمت مادام القضية الفلسطينية تفرض نفسها في الوجدان العربي والإسلامي .
‪ ‬‬
عبد الكريم العراجي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى