
بقلم :جمال نصرالله شاعر وصحفي جزائري
يقول المثل العربي المستمد من ذخائر الكتب الصفراء (بعد خراب البصرة لا يفيد البكاء ولا العويل ولا تنفع الحسرة) فهذا هو ديدن هذا الوطن الموصول بأجندات الناقمين على جزائر الحرية والاستقلال …بل جزائر العروبة والإسلام. لأنها ركائز الخيمة التي تقلقهم وتشوّش على طموحاتهم الدالة على اندماجهم وتعلقهم الروحي بحضارة الغرب وعلى رأسها فرنسا وأمريكا وكل من دار في فلكهما. والعيش تحت وصايا ومبادئ الإسلام بالنسبة إليهم تخلفا ورجعية بل شوفينية وتعصبا وتجميدا للحريات المطلقة.ومرات ينعتونه بالإرهاب المعنوي.وعلى هذا الأساس راحوا يطبخون لخططهم الحضارية بدءا من قطاع التربية لأنه الأساس المتين والعصب المُبين الذي تُبنى فوقه ولأجله وعليه العقول…. ومنه بقينا نحن نكتب ونعلق وهم يقررون وينفذون… ويتربصون كلما حانت لهم الفرصة .لا لشيء سوى أنهم الأقرب والأجدر والأنسب للتمركز وأياديهم هي الأقرب جدا من مقبض المطرقة إن لم نكن نحن في موضع الخشبة… نتلقى ونحتضن كل أنواع المسامير بما فيها اللامع البراق وبما فيها الصدئ المحراق ؟ا
هذا هو تقريبا حال الجزائر اليوم التي حسبهم كان ولابد أن تناضل وتكافح من أجل أن تعانق التطور واللحاق بركب الأمم .وستكون كذلك شريطة الدوس على قيمها ومبادئ شعبها التي تربى عليها أجداده الأولين.. وبها صنع التاريخ وصنع بطولاته حتى سار على درب التحرر دافعا ثمنا باهضا من النفوس والنفائس…
قبل أن يُسرق هذا المجد والحصاد الحلو المر في آنِ من أصحاب النوايا الخبيثة والمتسلقين وكذا المأجورين المندسين في أهم مؤسسات الدولة الحساسة والقطاعات الكبرى.يستحوذون عليه..ويحاولون مرارا عدم إظهار حقيقته بل تشويهه.والإنقاص من قيمته ؟ا
تقول إحدى السيدات في الجزائروهي رئيسة حزب( إن عددا من المعلمين والاداريين في المؤسسات التربوية يمارسون الإرهاب المعنوي والفكري خاصة ضد التلميذات غير المحجبات .يوم يتم نعتهن بالمرتدات وغير المسلمات) مؤكدة بأن هذه التجاوزات تحدث أمام وبتواطئ المفتشين ومديري المؤسسات والذين من مهاهم مراقبة أداء المعلمين بغية إعطاء المعرفة والتفتح على العالم وبناء الفكر واكتشاف المواهب والمواطنة والتسامح وقبول الاختلاف والابتعاد عن التطرف والعصبية.ثم تضيف بأن المدرسة الجزائرية بعيدة كل البعد عن المقاييس العلمية المعتمدة والتي تعتبر من المؤشرات الأساسية لدى الأمم المتحدة لقياس درجة النمو.بعد أن تحولت بعض المؤسسات إلى ملكيات خاصة تمارس فيها العصبية والمحسوبية دون رقيب.متهمة من أسمتهم بالمحافظين
بزرع البلبلة بشأن الشكليات والهوامش والبحث دوما عن المتاجرة بالثوابت والقيم لغرض وجودهم في الساحة السياسية الوطنية…هؤلاء يريدوننا أن نعود إلى جاهلية ما قبل الإسلام؟ا كلام مثل هذا يبين بأية حال من الأحوال أن من يتشبث بقيم ومبادئ الإسلام والعروبة يظل ويمكث رجعيا مهما حاول الاجتهاد .وأن الذي يحب لغته العربية ويتشبث بقواعدها يظل محافظا( وكأنه في الغرب لا يوجد محافظين وكلهم تقدميون)..ولسنا ندري هل صاحبتنا شاهدت تلك الفتاة التي تحصلت
على أعلى مرتب من جويلية للعام الأخير وبأكبر معدل وطني في الباك أو البيام هل هي محجبة أم لا ؟ا ـ نعم كانت مُحجبة؟ا ـ ثم متى كان الحجاب عائقا للعِلم والمعرفة؟ا وأظن أن كل من شاهدناهم متفوقات وفي عدة مجالات كن متحجبات.حتى ذلك الطفل القسنطيني النابغة في مهرجان القراءة كان معجزة بمعجم عربي .وهل حدث وأن شاهدنا وسمعنا عن تلميذة تم طردها أو مضايقتها بسبب ارتدائها للحجاب أو عدم ارتداءه في إحدى المؤسسات التربوية الجزائرية ( في فرنسا وبلجيكا ممكن وفي أمريكا وكندا ممكن ) .ولماذا حينما تتحدث بعض الأصوات وتندد بعدم المساس بالهوية تُتهم على المباشر بأنها رجعية ومتخلفة فما هي معايير التقدم عند هؤلاء …هل هو الإنسلاخ والارتماء في أحضان…حتى لا نقول تقليد الغرب في كل صغيرة وكبيرة؟ا وهل اليابان مثلا حين تشبثت بتقاليدها وعاداتها لم تصبح من القوى العظمى علميا وتكنولوجيا أو كوريا أو أندونيسيا أو حتى الهند التي صعدت للقمر ؟ا أو حتى سنغافورة التي أضحت أكبر قوة اقتصادية ..والصين …وهلم جرا …..لماذا في كل مرة تطلع علينا واقعة من صلب المناهج التربوية. مقاصدها ومغزاها دائما وأبدا المساس بثوابت الأمة وهويتها . حتى نصبح في يوم من الأيام نسير على نهج الفرنسيين أوعلى خطى كثير من مناهج الأوربيين التربوية … لماذا هم معقدون جدا وتأخذهم الحساسية الحادة من كل ما يرمز ويرتبط بالدين الحنيف … فبعد حادثة حذف البسملة…لاحظنا كيف هي تُمحى كثير من الجوانب النضالية لشهداء الثورية(ففي كتاب الرابعة تمارين نجد وصفا للشهيد العربي بن مهيدي عن أنه محب للموسيقى والمسرح دون ذكر أنه مجاهد وقائد ثوري) فهل حتى لفظ مجاهد صار يثير الحساسية. ومزية يتم نكرانها وإجحادها ؟ا ولماذا يتغاضون عن الجوانب النضالية للأمير عبد القادر ويتم ذكر عيناه الخضراوين ليس إلا…من جهة وفي موضوع آخر لاحظناه وفي إحدى الدروس وكأن هذه المنظومة تشجع الأطفال على العمالة في درس كان يزكي أحد الصبية وهو بائع صغير وماسح للزجاج عن أنه شاطر وذكي ؟ا هذا عن الشهداء والزعماء وغدا نسمع ربما عن أحد الصحابة؟ا والخلفاء أ و الأئمة.
إننا نتحسر بألم شديد عمن يعتقدون أنفسهم أذكياء ويمررون مشاريعهم بالوصاية.وأن الجميع لا يدرك أولى خطواتهم الرامية إلى سلخ هذا المجتمع وما تبقى منه من عِظام وممن هم برؤوسهم شوامخ ومن ملايين الشرفاء الحافظين لرسالة روح الشهداء الطاهرة… نترقب حركاتهم لحظة بلحظة. حين تراهم يذهبون مذهب التعساء الأشقياء ممن تقلقهم سحابات الإسلام التي تتواجد كالأوكسجين اليومي في سمائنا ..وما تبعها من مبادئ راسخة وغائرة في النفوس فيتمنون وأدها وقبرها نهائيا. لأنها تفضح ميوعة أفكارهم وخدماتهم المجانية لأرباب الفكر الكولونيالي التغريبي التوسعي… وربما أدركوا أولم يدركوا بأن ما يقومون به ليس إلا إرضاء لأعداء الأمس واليوم وكل العصور؟ وليتذكروا بأن العروبة والإسلام هما من ظلا يقلقا فرنسا…حاربتهما قرنا ونصف فعجزت عن ذلك. وبهما انتصر الشعب الجزائري الأبي…...
تعليق واحد