
أكدت الأستاذة الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر، ليلى بلقاسم في تصريح خصت به يومية “الوسط ” أن يوم الشهيد 18 فيفري من كل عام هو وقفة لاستحضار وتقييم المرحلة الكولونيالية.
الإشادة ببطولات زعماء المقاومات الشعبية
كما اعتبرت ذات المتحدثة، في سياق ذي صلة، أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر اخترع كل صنوف التعذيب والتقتيل في معركة الإبادة والاقتلاع والمسخ الذي صاحبه طيلة فترة وجوده في الجزائر، وفي المقابل اخترع الشعب الجزائري ضروبا من المقاومة المنظمة وغير المنظمة، الجماعية منها والفردية من أجل إثبات وجوده دفاعا عن الثالوث المقدس (الأرض، العرض، والشرف)، فكانت الملاحم التي صنعها الأمير عبد القادر والشيخ الحداد والمقراني وبوعمامة خير مثال على ذلك.
الهولوكوست الاستدماري قاد أكبر حملة إبادة للشعب الجزائري
ومن جهتها ذكرت الدكتورة في تاريخ الجزائر ،بمناسبة الاحتفاء باليوم الوطني للشهيد ، أن الاستعمار الفرنسي الغاشم تفنن في جرائم أكدتها مذكرات القادة الفرنسيين عسكريين ومدنيين من أمثال: الماريشال بيجو ولاباسي وسانت آرنو ودوق روفيقو … وغيرهم من السفاحين بغرض التباهي ونشر المدنية المزعومة التي أقيمت على أشلاء الأبرياء بمختلف الأعمار فكشفت عن الوجه الوحشي للاحتلال الفرنسي من 1830 إلى 1962 و لهذا فالجرم الكولونيالي لم يقتصر على فترة 1954 إلى 1962 وحصيلة مليون ونصف المليون شهيد، بل الحقيقة أن الهولوكوست الاستدماري قاد أكبر حملة إبادة وإزالة لهذا الشعب وفق النموذج الذي اقترحه منظرو الاستعمار أمثال جيل دوفال و فارني كما هو الشأن في أمريكا الشمالية وأستراليا، فكانت الجزائر الند للند أمام استعمار استيطاني – استغلالي طيلة 132 سنة استهدف الإنسان والأرض ومن هنا يقول مصطفى الأشرف” أنه لدينا أدلة قوية بنتائجها المباشرة وغير المباشرة على الشعب الجزائري من 1830إلى غاية 1870 على قتل الملايين من الجزائريين”.
الجرم الكولونيالي لا مثيل له
كما أوضحت مؤلفة كتاب ” المراكز الاستيطانية وتطورها بمنطقة غليزان 1850 ـ 1900″ أن عدد الشهداء بالملايين من 1830 م من يوم وطئت أقدام القتلة أرض الجزائر لحظة الإنزال بسيدي فرج وانتهاك اتفاقية الاستسلام إلى مخلفات الاستدمار، التي لا زالت تحصد العشرات على حدودنا الغربية والشرقية وفي الرقان وغيرها من المناطق الصحراوية في جنوبنا الكبير بفعل التفجيرات النووية التي لم تسلم منها حتى الأجنة في بطون أمهاتهم. فالجرم الكولونيالي لا مثيل له ولا يمكن أن يقارن بأي بقعة من بقاع المعمورة، فكل شبر من هذه الأرض يصدح بأنين المعاناة التي نالها أسلافنا على أيدي جلاديهم في الحواضر والأرياف في (العوفية وفي أولاد رياح وفي قبائل صبيح ومكناسة) ، فمن لم تقتله الجيوش الاستعمارية حددت مصيره الكوارث الإنسانية التي عصفت بالمجتمع الجزائري في مقدمتها المجاعات والأوبئة وسياسة التفقير والتصنيف الذي نال الجزائري باعتباره من الأهالي و إلى ما احتوته المحتشدات والمعتقلات من أساليب تعذيب وقمع لم تشهد لها الإنسانية مثيلاً، لا زالت الشواهد المادية حاضرة تؤرخ للجرم الكولونيالي التي لا تسعها الجغرافيا، لتخطي الحدود الحالية من شمالها إلى شرقها و غربها على مساحة أكثر من 2 مليون كلم2 بدماء الشهداء الأحرار وأجساد لم تجد لها قبرا يؤويها في الفيافي والشعاب فبعضها تحلل ليزكي هذا الأرض المباركة التي خضبت تربتها بدماء الشهداء، وقبور إلى يومنا لا تحمل اسما أو ذكرا لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ولنا في ذلك مقبرة “شراطة بالرمكة بغليزان” التي تحمل أكثر من 1061 شهيدا، فمنهم من لا شارة له ولا ذكرى تعزز وجوده.
علينا أن نصون رسالة الشهداء لأنها أمانة
وقالت الأكاديمية ليلى بلقاسم لـ” الوسط” ، إنها لأمانة تلزمنا وفاء لرسالة الشهداء، إذ لا يكفينا فقط الترحم عليهم واستذكار ذكراهم في كل مناسبة من منطلق النشيد الذي كان يتلى بين أحضان الثورة التحريرية في كل ولاية ومنطقة وناحية وقسمة ” إخواني لا تنسوا الشهداء…” فكان إيمانهم وهم الذين قدموا الأرواح، لينفك الوطن من نيِّر الاستدمار واقتلاع خلاياه السرطانية أن تضاهي جزائر الاستقلال الدول المتقدمة في كل المجلات، فاليوم نحن أمام رباط معنوي يشد جيل الثورة والأجيال اللاحقة على صيانة الأمانة للحفاظ على الوحدة الوطنية والترابية بما يعزز التلاحم والترابط وقيم المواطنة بين الشعب الجزائري و بما يستكمل مسيرة البناء والتشييد التي هي واجب وفرض عين على كل الأجيال .
الدكتورة ليلى بلقاسم في سطور …
مع العلم أن الدكتورة ليلى بلقاسم أستاذة وباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة غليزان – الجزائر. متحصلة على شهادة ماجستير في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر، الاختيار: الملكية العقارية في الجزائر أيام الاحتلال الفرنسي 1830-1962، بعنوان: المراكز الاستيطانية وتطورها بمنطقة غليزان1850-1900. حاصلة على دكتوراه في تاريخ الجزائر الحديث والمعاصر وهران01 أحمد بن بلة، بموضوع: تطبيق التشريعات العقارية في المنطقة الممتدة ما بين الضفة اليسرى لوادي الشلف وسهل مينا 1863-1900. حاصلة على شهادة تكوينية المركز الثقافي الفرنسي بوهران 2012(C.C..F). تكوين 2011 بأرشيف ما وراء البحار باكس بروفانس فرنسا (A.N.O.M) . تكوين 2016 بأرشيف ما وراء البحار باكس بروفانس فرنسا صدر لها سنة 2016 عن دار القدس العربي كتاب تحت عنوان “ المراكز الاستيطانية وتطورها بمنطقة غليزان 1850 ـ 1900″، وشغلت هذه الباحثة العديد من الوظائف: عضو في مخبر الدراسات المغاربية للنخب الجزائرية – جامعة وهران/ الإشراف على مجلة مرآة للدراسات المغاربية، مجلة علمية محكمة يصدرها مختبر الدراسات المغاربية، النخب وبناء الدولة الوطنية، جامعة وهران 1- أحمد بن بلة/ باحث مشارك في المركز الوطني في للبحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية (Crasc ) بوهران. بمشروع حول : القطاع الوهراني واقليمه الجنوبي، دراسة في فضاء القبائل والادارة العسكرية خلال الحقبة الكولونيالية الأولى 1830-1873/ أستاذة مرسمة بالمركز الجامعي أحمد زبانة تخصص تاريخ حديث ومعاصر/ مسؤول تخصص بقسم العلوم الانسانية معهد العلوم الاجتماعية والإنسانية اتصال وعلاقات عامة 2018-2020 بالمركز الجامعي أحمد زبانة غليزان. رئيس قسم علوم التربية بمعهد العلوم الاجتماعية والإنسانية المركز الجامعي أحمد زبانة من 2020.
حكيم مالك