
· هذا العيد رسالة لكل من يتربص بترابنا الوطني
· فرنسا تحاول التلاعب للهروب من جرائمها
أكد المؤرخ رابح لونيسي في تصريح خص به يومية “الوسط ” بمناسبة إحياء الجزائر للذكرى الـ 61 ليوم النصر المصادف لتاريخ 19 مارس 1962 تحت شعار : ذكرى النصر، عزم اتحاد وانتصار ، أنه لابد أن نستخلص منها جملة من الدروس ،حيث أن هذا النصر التاريخي كان نتيجة وحدة الشعب الجزائري كجبهة واحدة في وجه الاستعمار الفرنسي ومن أجل تحرير الأرض من فرنسا الاستعمارية.
الجزائر تحتاج إلى جبهة مماثلة لأول نوفمبر 1954
وفي ذات السياق قال أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة وهران ، علينا أن نفهم بأن الجزائر اليوم التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وحدودية وأمنية وغيرها تحتاج إلى جبهة مماثلة التي كانت في أول نوفمبر 1954، يعني أن كل الجزائريين مهما كانت توجهاتهم الإيديولوجية والسياسية ومناطقهم وألسنتهم أن يقفوا في جبهة واحدة في بناء الجزائر التي يجب أن ن تكون قوية في كل المجالات لأننا حققنا النصر في 1962 وحررنا الأرض لكن لكي لا تتكرر عملية الاستعمار في السنوات القادمة ، لكون العالم يتغير فمن كان يفكر بأن يتعرض العراق لغزو من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ، وبالتالي فكل شيء محتمل ، ويتمثل الدرس الثاني الذي نستخلصه من عيد النصر وهو ما وقع أثناء المفاوضات مشيرا إلى أن الدبلوماسية الجزائرية كانت لها خطوط حمراء حددت كأهداف استراتيجية في بيان أول نوفمبر ، ثم في أرضية الصومام والتي تقول إنه لا وقف لإطلاق النار حتى تعترف فرنسا بسيادة الجزائر التامة على كل التراب الوطني ، وعليه فكان بإمكان الجزائر أن تستقل في سنة 1958 لكن ليس على كل ترابها الوطني ،لكن الجزائر رفضت ذلك و دفعت 4 سنوات كاملة منذ هذا التاريخ إلى غاية سنة 1962 حتى تحققت كل وحدتها الترابية، رغم أن الاستعمار الفرنسي بقيادة شارل ديغول كان يريد فصل الصحراء عن الجزائر ومن هنا نستخلص أن هذا النصر هو رسالة لكل من يتربص بترابنا الوطني وكل من يحاول أن يمس بهذه الوحدة الترابية في محاولة منه أن يتوسع على ترابنا الوطني نقول له إننا نحن دفعنا ثمنا غاليا من أجل هذه الوحدة الترابية الممتدة من تمنراست إلى البحر الأبيض المتوسط ومن تبسة إلى مغنية وهذه هي الحدود التي تحددت في 19 مارس 1962 ،والجزائر لم تتنازل عن شبر وسنتمتر واحد ونحن مستعدون للدفاع عن الوحدة الترابية للجزائر لأن هذا كل ما كان يدور أثناء المفاوضات ، مشيرا إلى أن الشيء الذي أخر المفاوضات هو ما طرحته فرنسا بقضية فصل الصحراء.
الهدف الاستراتيجي تحقق كاملا في 19 مارس 1962
أوضح صاحب كتاب “النظام البديل للاستبداد لتنظيم جديد للدولة والاقتصاد والمجتمع ” ، أن هذا النصر يعطينا درسا في الدبلوماسية وهدفه الاستراتيجي يتمثل في السيادة التامة للجزائر على كامل التراب الوطني والاعتراف بالممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري والمتمثل في جبهة التحرير الوطني ،وأن تعترف فرنسا بأمة جزائرية وشعب جزائري واحد وليس كما كانت تروج له بأننا ساكنة الجزائر ومجموعة قبائل وأعراب وأجناس من خلال خطاب ديغول في 16 سبتمبر 1959 ، لكننا كنا مصرين على أننا أمة جزائرية واحدة وبأننا كلنا جزائريون ورافضين لسياسة فرنسا التي أرادت تقسيم الشعب الجزائري على أساس قبلي وعرقي آنذاك، كاشفا أن اليوم هناك مخطط رهيب يستهدف الجزائر بما يسمى بحروب الجيل الرابع والخامس في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الحديث عن أوهام عرقية لا وجود لها والتي صنعتها فرنسا الاستعمارية وبالتالي فالجزائريون كلهم شعب واحد اختلطت دمائهم وتصاهروا عبر آلاف السنين ، خاصة اليوم أين كثر الحديث في الجزائر عن مفاوضات إيفيان ، ونؤكد أن في إيفيان حققت كل الأهداف الاستراتيجية بدون استثناء ، أما الأشياء الأخرى فلا يمكن أن يتم تحقيقها مائة بالمائة بل لابد من تنازلات متبادلة وهي عبارة عن تنازلات تكتيكية لكن في الأخير الهدف الاستراتيجي تحقق كاملا في 19 مارس ولم يبقى لنا الآن أي ارتباط بهذه الاتفاقيات لكونها ماتت عند ميلادها ، نافيا ما يتم ترويجه الآن في مواقع التواصل الاجتماعي من كلام فارغ لا معنى له على حد وصفه بل أبطال الجزائر من الوفد المفاوض حققوا الهدف الاستراتيجي للثورة .
فرنسا تحاول التلاعب للهروب من جرائمها
قال ذات المتحدث إن فرنسا اقترفت جريمة استعمارية في الجزائر ،وعليه فالاستعمار في حد ذاته هو جريمة واليوم فرنسا تتلاعب ،ومؤخرا نسمع بينجامين ستورا يقول عن جان ماري لوبان أنه لم يقم بالتعذيب ، وهذا ما يبين أن استراتيجيته فرنسا واضحة جدا والتي رسمها ستورا ،وبالتالي فعندما يتم الحديث عن التعذيب يريدون أن يعتبروه حالة أفراد ، وعندما يتحدثون عن الجرائم يقولون عنها أنها حالات شاذة للأفراد وهذا كله لكي لا تتحمل الدولة الفرنسية مسؤوليتها بل تحملها للأفراد ، لكننا نقول لهم لا هي سياسة دولة وكل ما مورس في الجزائر طيلة 132 سنة هي سياسة رسمية للدولة الفرنسية وتتحمل مسؤوليتها الكاملة فرنسا ولا يمكن إخفاء ما اقترفته هذه الأخيرة من مجازر في 8 ماي 1945 وما وقع في أحداث مجازر 17 أكتوبر 1961، وعليه ففرنسا تحاول خلق البلبلة ،ونحن نحملها مسؤولية جرائمها كاملة وفيها عدة محاور وليست فقط جريمة ضد الإنسانية والبيئة من خلال قتل الإنسان في المداشر، بل هناك جريمة كبرى ارتكبت في الصحراء الجزائرية لازلنا نعاني من آثارها إلى غاية اليوم والمتمثلة في التفجيرات النووية التي حدثت في صحرائنا وإفريقيا متضررة منها إلى حد الآن، بالإضافة إلى الجريمة الاقتصادية وهي مهمة جدا والرئيس الراحل هواري بومدين هو من كان يطرح هذه الجريمة وتقسيم الدولي للعمل ، ورفض ربط اقتصادنا بالاقتصاد الاستعماري وتحطيم المحاصيل الغذائية وتعويضها بالكروم وغيرها ، وهذه كلها جرائم كبرى وفرنسا تتحمل مسؤولية تخلفنا وعدم تحررنا الاقتصادي ، في حين أنها في الوقت الحالي تبحث عن أسواق وبقيت معتمدة على نفس أهدافها الاستعمارية إلى غاية اليوم والجزائر ترفض تحقيقها ، لكوننا نريد نظام اقتصاد عالمي جديد كما طرحها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رسالته للبريكس، وكما طرحها الرئيس بومدين منذ السبعينيات، وهو أن هذا النظام الاقتصادي العالمي المجحف كان في حق شعوبنا وفي غيابنا وهذا التقسيم الدولي للعمل من خلال قيامهم بالإنتاج ويأخذون المواد الأولية بأثمان بخسة ، وعليه فيجب أن يعاد النظر في نظام اقتصادي عالمي جديد ، من خلال الدخول دبلوماسيا الآن بأشياء أكبر، مع ضرورة عودة القوة لحركة عدم الانحياز وتحويلها إلى قوة اقتصادية لضمان التحرر الاقتصادي، ومن أجل تجريم الاستعمار وتحميله مسؤولية الجرائم التي ارتكبها في الجزائر ،بما فيها الجرائم الاقتصادية التي كانت إحدى أسباب تخلفنا.
حكيم مالك